اختراقات وقف النار.. وعود ترامب بالسلام تصطدم بالعقلية الصهيونية المتطرفة
غياب الحقوق الفلسطينية عن خطة الرئيس الأميركي يجعلها منقوصة
الغد-نادية سعد الدين
يشكك الفلسطينيون في إمكانية تحقيق وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسلام في المنطقة انطلاقا من قطاع غزة، معتبرين أن البناء على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى لا يعتد به كثيرا، نظير تعثره أمام عراقيل الاحتلال، وشائكية قضايا مرحلته الثانية، بما قد يجعله عرضة للانهيار أو الجمود على أقل تقدير.
وتظل مساعي تحقيق السلام معلقة طالما غاب عن العقلية الصهيونية، بحيث لا تخرج وعود ترامب بالسلام في المنطقة، في نظر مسؤولين فلسطينيين، عن مجرد أوهام ما لم يتم تدعيمها بتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة في إنهاء الاحتلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، وما دون ذلك فلن ينعم الشرق الأوسط بالاستقرار المنشود.
ونتيجة غياب المنهج السياسي الواضح عن خطة ترامب للسلام، أو ما يعرف باليوم التالي في غزة، فإنها جاءت كإعلان مبادئ منقوص لا يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، رغم تأكيد أهمية وقف عدوان الاحتلال في غزة، وبحق الشعب الفلسطيني، وفق قول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق د. محمد اشتية.
ولم يتطرق الرئيس ترامب، وهو يتحدث عن سلام المنطقة إنطلاقا من غزة، إلى جوهر القضية الفلسطينية المتمثل في إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان ونظام الفصل العنصري، بحسب الدكتور اشتية، الذي رأى أن مؤتمر شرم الشيخ لم يقدم خريطة طريق سياسية واضحة، ولا آليات محددة لإعادة الاعمار أو معالجة الوضع في الضفة الغربية.
وقال اشتية إن المطلوب هو تحرك دولي جاد لترسيخ حل الدولتين وانهاء الاحتلال، من أجل تحقيق الاستقرار والسلام في فلسطين المحتلة والمنطقة، وليس الاكتفاء ببيانات دعم شكلية، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي للمتابعة السياسية لاحياء عملية السلام.
وحذر من مساعي الاحتلال المتواصلة لتقويض أي امكانية لتحقيق حل الدولتين، معتبرا أن الدور الأميركي يبقى محوريا في اي جهد جاد لإحياء العملية السياسية، ولكن واشنطن مدعوة للضغط على الاحتلال لوقف سياساته الاستيطانية والإفراج الفوري عن أموال المقاصة المستحقة للشعب الفلسطيني.
وأكد اشتية ضرورة دعم مسار سياسي حقيقي يقوم على إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، داعيا الدول الضامنة للاتفاق، أيضا، إلى تحمل مسؤولياتها واستكمال جهودها في بلورة المسار السلمي في المنطقة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه خرق اتفاق وقف إطلاق النار؛ بما يجعل مصير أي تحرك لتنفيذ خطة ترامب للسلام في المنطقة على المحك، طالما العقلية الصهيونية ترفضه.
وفي هذا الصدد، قال المنسق العام لتحالف الحراك الوطني الفلسطيني، خالد عبد المجيد، إن ما يسمى بعملية السلام، سواء على الصعيد الفلسطيني أو على صعيد المنطقة وما يروج له الرئيس ترامب، مجرد وهم، وفق وصفه.
ورأى عبد المجيد، في تصريح لـالغد، أن تحقيق السلام يواجه تحديات وعراقيل كبيرة، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو للدول والشعوب العربية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال إن طرح ترامب لا يختلف كثيرا عن صفقة القرن التي طرحها أثناء ولايته الأولى بخصوص الوضع الفلسطيني، حتى لو كان ما يقدمه اليوم يتعلق بغزة، لكن أساسه يتعلق بالترتيبات التي ينوي الرئيس ترامب و(رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو اتخاذها في منطقة الشرق الأوسط، عبر محاولة دمج الكيان المحتل بها وجعله المهيمن عليها، عدا المصالح الأميركية في نهب ثروات المنطقة، بما يجعله استعمارا مبطنا من خلال هذه الصيغة المطروحة.
ورأى عبد المجيد أن ما يطرحه ترامب حول تحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يحدث وسيواجه بعقبات كبيرة، لكن المراحل المتعلقة بقطاع غزة يمكن تذليل بعضها وتسيير الأمور بشكل مقبول، إلا إذا قامت حكومة الاحتلال اليمينية بعرقلتها.
وقال إن التحديات الكبرى ستكون في المرحلة الثانية من الاتفاق، لأن هناك ضبابية في المواقف والصيغ المطروحة، لاسيما فيما يتعلق بتسليم السلاح أو تجميعه والأفق السياسي والهيئة المسؤولة عن إدارة قطاع غزة، من خلال دور توني بلير كحاكم للقطاع، وهو أمر غير مقبول مطلقا بالنسبة للفلسطينيين مهما كانت الظروف.
من جانبه، أكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، بأن الاحتلال ارتكب خرقا واضحا لاتفاق وقف الحرب بقتله المدنيين في الشجاعية ورفح، داعيا الوسطاء لإلزام الاحتلال بتعهداته الواردة في الاتفاق.
وفي الأثناء؛ سجل مركز غزة لحقوق الإنسان ارتكاب قوات الاحتلال 36 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، منذ دخوله حيز التنفيذ، ما أسفر عن استشهاد 7 مدنيين فلسطينيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، وذلك في إطار حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة التي أدت لارتقاء أكثر من 238 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال.