عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jul-2025

ملفات المنطقة في حماية الأردن*مكرم أحمد الطراونة

 الغد

ملفات غاية في الأهمية تلك التي حملها جلالة الملك في جولته الأخيرة التي شملت الولايات المتحدة الأميركية وكندا وألمانيا، وقد حقق فيها جلالته اختراقات كبيرة، وأسمع العالم الصوت العربي الذي ظل متواريا بسبب الهيمنة الأميركية على منابر العالم، وبسبب الضغوطات التي يمارسها اللوبي الصهيوني في جميع القارات.
 
 
وقف الحرب على غزة، وإنهاء سياسات التجويع لسكان القطاع، والتي أنتجت كارثة إنسانية لم يشهدها العالم منذ عقود، وحشد الجهود لتحقيق حل الدولتين الذي تريد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة أن تنهيه بقرارات أحادية تتأسس على ضم الضفة، ‬والاعتراف بالدولة الفلسطينية‬ المستقلة، لمنح الأمل للأجيال القادمة، وإنهاء الصراع الأطول في التاريخ الحديث، من أجل تجنيب المنطقة والعالم كله مزيدا من الكوارث والحروب.
 
 كما لم ينس جلالته لفت أنظار العالم إلى الجارة سورية، والتي يحاول الكيان إثارة النعرات الطائفية فيها لوضع عراقيل أمام استتباب السلم المجتمعي، واحتلال مزيد من أراضيها منعا للاستقرار فيها. لذلك طالب جلالته بدعم استقرارها.
هذه الملفات هي الحاضرة بقوة اليوم في منطقتنا العربية التي تحاول إيجاد مكان لها في هذا العالم، وقد حملها الملك لكي يبين للعالم مدى الخطورة المتأتية من التغافل عن حلها، وكيف يمكن للأمور أن تتطور وتتعقد، لتشكل خطرا تتعدى تأثيراته المنطقة العربية.
خلال هذه الجولة الملكية المهمة، تبدى بشكل واضح الدور الأردني المحوري في قضايا المنطقة، فقد استطاع جلالته أن يصنع إزاحات إيجابية في وجهات نظر القادة والدول، ودفعهم لتبني وجهة النظر الأردنية تجاه هذه القضايا، خصوصا أن الأردن ينطلق في رؤاه تلك من مصلحة إقليمية شاملة، تضع مستقبل المنطقة والعالم في الحسبان، من أجل شرق أوسط أكثر استقرارا وعدلا.
تركت الزيارات الملكية تأثيرات فعلية في الدول التي زارها، خصوصا تفهم وجهة النظر الأردنية تجاه القضية الفلسطينية والاعتراف بالدولة الفلسطينية، واستقرار سورية، فغالبا ما كان جلالته يؤكد أن قضايا شائكة كهذه هي أشبه ما يكون ببرميل البارود الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة، ليغرق المنطقة والعالم بالعنف والدمار، وأن إنهاء هذا التوتر الكبير يكون باعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة، وقد بدا واضحا من تصريحات المستشار الألماني أن الملك كان يضغط باتجاه اعتراف ألماني بالدولة الفلسطينية التي يمكن لها أن تسهم كثيرا في نزع فتيل الأزمة الراهنة. 
السياسة الأردنية المعتدلة والحصيفة، قادرة دائما على التأثير في عواصم صنع القرار، وفي السياسيين الأكثر تأثيرا في العالم، فهي سياسة معروفة منذ عقود، تقوم على الاعتدال والتفكير في مصلحة شعوب المنطقة والعالم، كما أنها لا تخفي أي أيديولوجيات أو مصالح شخصية تحت أي كلمات أو مواقف، بل ترنو إلى أن تنعم المنطقة بالسلام والأمن، وأن يتم توفير الموارد لتحقيق التنمية، لا من أجل شن الحروب وإشاعة الكراهية وتدمير آمال الشباب بالمستقبل.
ينطلق الملك في جهوده المتواصلة من قناعاته الراسخة التي ترى أن هناك ظلما كبيرا في أن يعيش قسم من شعوب المنطقة بلا أمل ولا مستقبل، بسبب سرقة ماضيه وحاضره ومستقبله، بينما العالم غافل عن معاناته. إنها السياسة الأردنية التي خطّها الملك في أن يمنح الأردن صوتا لمن لا صوت له، حتى لو مسّنا الضر والأذى ونحن نتصدى لهذه المهمة الإنسانية والأخوية الجليلة.