عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jun-2025

هل تفعّل إيران ما تبقى من أذرعها في المنطقة؟*أ. د. صلاح العبادي

 الراي 

في أوج التصعيد الإسرائيلي الإيراني الحالي لا تبدو دول الشرق الأوسط والعالم في منئ عن تأثير هذه المواجهة المباشرة التي بقيت لسنوات تحت عنوان الحروب بالوكالة، في دول مثل لبنان وسوريا واليمن والعراق.. تأثيرات لا تتعلق في الانعكاسات الاقتصادية العميقة طويلة الأمد؛ إنما يشمل التأثير كذلك على جوانب أمنيّة وعسكريّة وسياسيّة، لن تعود فيها المنطقة إلى ما قبل فجر الثالث عشر من حزيران من عام ألفين وخمسةٍ وعشرين. الوضع اللبناني اليوم يبدو في عمق التأثر المباشر بالصراع المندلع.
 
 
فلبنان شكّل منذ السابع من اكتوبر لعام الفين وثلاثة وعشرين ساحة مواجهة بين حزب الله وتل أبيب، إلى أن بلغ الصراع بين الطرفين أوجه في أيلول الماضي.
 
 
يوم الجمعة وجّه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تحذيراً مباشراً إلى الأمين العام لـحزب الله اللبناني نعيم قاسم، وهدده برد قاس حال تدخله في الصراع بين إسرائيل وإيران وقال:" لم يتعلم درساً من أسلافه، وهدد بالتحرك ضد إسرائيل وفقاً لأوامر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي".
 
 
تهديدات كاتس جاءت عقب أن أعلن قاسم، في بيان له أن "حزب الله لا يقف على الحياد" في المواجهة القائمة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى.
 
 
وتأتي تصريحات قاسم والرد عليها من قبل كاتس، في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدوليّة من انزلاق الأوضاع الدائرة في الشرق الأوسط نحو مواجهة شاملة، قد تشارك فيها جماعات موالية لطهران ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
 
 
ما يمكن قراءته في هذا الموقف أنّ إسرائيل تخشى تحركاً من حزب الله في ظل هذه الحرب التي تدور بين إيران وإسرائيل.
 
 
عسكرياً إسرائيل تخشى من أن يكون هناك أي تدخل، أو أي دخول في مشهد الحرب من قبل حزب الله، وعلى ذلك نشرت فرق للجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع لبنان وسوريا، وبالتالي هي لا ترتكن على الصمت الذي يمارسه حزب الله ويراقب المشهد من بعيد.
 
 
واضح بأنّ هذا التصريح لوزير الدفاع هو تهديد استباقي للحزب؛ بأنّ أي تدخل من قبله سيكون رد مؤلم للحزب وقد يكون رأسه هو الثمن.
 
 
إسرائيل قبل تصريحات أمين عام الحزب التي صدرت عنه مساء الخميس الماضي، كانت مرتاحة تجاه صمت الحزب وتحييده من المشهد وجلوسه على دكة المراقبة، وبالتالي لا يوجد لديها أي تقديرات بدخول حزب الله إلى المشهد، لكنّ الجيش الإسرائيلي قام باستعدادات استباقية، ومراقبة حثيثة للأجواء السياسيّة والأمنية في لبنان إذا ما كان هناك أي تحرك.
 
 
التقديرات تشير إذا حُشرت إيران إلى الزاوية وكانت هناك ضربات كبيرة ونوعية تؤثر عليها بشكل كبير، ربما تفعّل إيران مما تبقى من أذرعها في المنطقة كحزب الله وخلايا أخرى كالحوثيين في اليمن، وهو ما يجعل أعين إسرائيل مفتوحة عليها.
 
 
معهد دراسات الأمن القومي نشر دراسة بعنوان " حزب الله يواجه قيوداً تمنعه في الوقت الراهن من الدخول بحرب"، أبرزت فيها العوامل التي تقيد فيها حركة الحزب إزاء التصعيد العسكري الحالي بين إسرائيل وإيران رغم أنّه من أكثر حلفاء إيران ولاءً في المنطقة.
 
 
تقول الدراسة بأنّ الحزب يجد نفسه مجبراً خارج دائرة القتال الحالي، متمسكاً باستراتيجيّة الاحتواء التي اعتمدها بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في السابع والعشرين من تشرين الثاني ألفين وأربعة وعشرين، رغم إصدار بيانات اتهمت إسرائيل بالعدوان الإجرامي المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية.
 
 
الحزب يبدو بأنّه لن يهاجم إسرائيل رداً على ضرباتها لإيران، في موقف يعكس حذراً استراتيجيا غير مسبوق، فيما يفسر قرار الحزب بالامتناع بهذه المرحلة عن مهاجمة إسرائيل إلى جملة من القيود والعوامل الضاغطة، أبرزها ضعفه العسكري الراهن، نتيجة الهزيمة التي تكبدها في الحرب الأخيرة، والضربات الإسرائيلية شبه اليومية التي تطال عناصره وبناه التحتيّة في الجنوب اللبناني، في محاولة لمنع إعادة تمركزه وإجهاض أي جهودٍ لإعادة تشكيل قوته العسكريّة. يضاف إلى ذلك ضغوطٍ داخليةٍ نتيجة عن موقف القيادة السياسيّة الجديدة في لبنان التي أعلنت رؤيتها الواضحة في تفكيك سلاح حزب الله، وسائر المليشيات المسلّحة، وإصرارها على أنّ قرار الحرب والسلم يجب أن يبقى حصراً في يد الدولة اللبنانيّة.
 
 
فهل يلتزم حزب الله بهذهِ الخطوط الحمراء أم أنّ إيران يمكن أن تستخدمه مجدداً كورقة ضغط ضعيفة، في محاولةٍ أخيرة لتخفيف الضغط عنها إزاء الضربات الإسرائيلية المتواصلة؟!