عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Nov-2025

الإعلام.. خط الدفاع الأول في مواجهة الدعاية السياسية*د. محمد كامل القرعان

 الراي 

يشكّل الإعلام اليوم قوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام وتوجيه الوعي الجمعي، وأداة أساسية في حماية الدول من حملات الدعاية السياسية المضللة. ومع ازدياد حدة الصراعات الإعلامية، أصبح الإعلام الوطني سلاحًا استراتيجيًا يدافع عن الحقيقة، ويحصّن المجتمع من الأخبار الزائفة والحملات التي تستهدف استقراره وصورته أمام العالم.
 
تُظهر التجارب الحديثة أن الدعاية السياسية — سواء كانت موجهة من جهات خارجية أو داخلية — تعتمد على بث الشائعات والتأثير على مشاعر الناس لإضعاف ثقتهم بدولهم ومؤسساتهم. وهنا يأتي دور الإعلام المهني الوطني في نشر الحقيقة، وتفنيد الأكاذيب، وتقديم المعلومة الدقيقة بأسلوب عقلاني ومسؤول. فكلما كان الإعلام أكثر شفافية وموضوعية، أصبح أكثر قدرة على كسب ثقة الجمهور وإبطال مفعول الدعاية المغرضة.
 
كما أن أهمية الإعلام لا تقتصر على نقل الأخبار، بل تمتد إلى تعزيز الوعي السياسي للمجتمع، وتمكين المواطن من التمييز بين الخبر الصحيح والمفبرك، وبين التحليل الواقعي والدعاية الموجهة. فالإعلام الحر والواعي هو الذي يبني رأيًا عامًا مستنيرًا، ويمنع الانجرار وراء الخطابات المشبوهة التي تستهدف استقرار الدول ومكانتها.
 
وفي الأردن، أثبت الإعلام الوطني بمختلف وسائله — المرئية والمكتوبة والإلكترونية — قدرته على أن يكون درعًا للدولة وصوتًا للحقيقة، مدافعًا عن مواقفها الثابتة، وناقلًا لصورتها المشرّفة أمام العالم. فقد تعامل الإعلام الأردني بحكمة ومسؤولية مع العديد من الحملات المضللة، مقدمًا نموذجًا في المهنية والالتزام الوطني.
 
لكن يتطلّب ذلك من الإعلام أن يكون واعياً، مستقلاً، ومؤهلاً لمواجهة هذه التحديات. فالإعلام الذي يريد أن يواجه الدعاية السياسية لا بدّ أن يعتمد على التحقق من المعلومات قبل نشرها، وأن يبتعد عن التسرّع والانفعال. كما يحتاج إلى كوادر مدرّبة ومثقفة تمتلك القدرة على التحليل العميق للأحداث، وتفهم أبعاد الصراعات السياسية والإعلامية في العالم.
 
ويُفترض بالإعلاميين أن يلتزموا بالأخلاقيات المهنية، وأن يكون هدفهم خدمة الحقيقة والمصلحة الوطنية، لا البحث عن الإثارة أو جذب المشاهدات. كذلك، من المهم أن يدعم الإعلام الوطني ثقافة التفكير النقدي لدى الجمهور، حتى يصبح المواطن نفسه قادرًا على اكتشاف الدعاية المغرضة ورفضها.
 
إن مواجهة الدعاية السياسية لا تكون بالصراخ أو بالمبالغة، بل بالثقة والوعي والمعلومة الدقيقة. فالإعلام الوطني عندما يلتزم بالصدق والمصداقية، يصبح خط الدفاع الأول عن الوطن، وحارسًا لوعيه واستقراره، في زمن أصبحت فيه المعلومة سلاحًا لا يقلّ خطورة عن أي سلاح آخر.