عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Oct-2025

ستبقى «الصورة» ناقصة بدون الأرمن* حمزة عليان
الجريدة -
كلما قرأت خبراً عن الأطباق الطائرة، أو شاهدت صورة لهذا الجسم الغريب، تستحضرني قصة المصور الصحافي جاك فيليب، الذي عمل بالصحافة الكويتية بالثمانينيات، وبراعته في التقاط صور نادرة عن تلك الأطباق في سماء الكويت... وبطريقته الخاصة!
 
جاك فيليب لبناني من أصول أرمنية، وفق علمي، كانت له جولات في عالم التصوير الصحافي، وعلى صدر الصفحات الأولى من جريدة «لسان الحال» في بيروت.
 
احترف الأرمن التصوير الفوتوغرافي كما لم يفعل غيرهم من الشعوب، لذلك تبقى الصورة ناقصة إذا لم يكن للأرمن فيها دور ونصيب.
 
في الكويت كان جاك من أوائل المصورين، له حكاية مُغايرة، وبعكس ما هو شائع عنه، فقد روى المصور ساركيسيان سوسيك للزميل جاسم عباس أشكناني بـ «القبس» حكايته عندما فتح استديو له مقابل مبنى الأمن العام لجهة منطقة المرقاب، وأسماه «مصور الأمير»، وحدث أن أقدم أحد المصورين، ويُدعى أرتوب، وهو أرمني، ووضع هذا الاسم على محله مقابل المستشفى الأميري، فرفع عليه دعوى وأجبره على تغيير الاسم، وأطلق عليه «المصور جاك». يقول إنه التقى الشيخ عبدالله السالم ثلاث مرات، والتقط له صورة وهو يبتسم، فأهدى إليه سيارة كاديلاك.
 
في معظم البلدان العربية كان المصورون الأرمن في طليعة مَنْ اكتسبوا شهرة واسعة، وأشهر مصوري المعالم السياحية في لبنان هو مانوكيان، يليه المصور الصحافي ورئيس قسم التصوير بجريدة النهار سام مازمنيان، استعانت به الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتصوير الطائرة المخطوفة في أحد مطارات عمَّان بالأردن.
 
ربما كان كيغام مصور غزة الأول في مقدمة المصورين المحترفين وصاحب الأرشيف الفلسطيني النادر، استقر في شارع عمر المختار بغزة، وافتتح فيه أول استديو تصوير عام 1944، ليكون شاهداً على النكبات والحروب، ووثق بكاميراته المآسي والأفراح وخيام اللاجئين، ونجح في الحفاظ على ثقافة غزة، لا نعرف حتى اليوم ما المصير الذي لاقاه.
 
وعلى بُعد أمتار من دير الأرمن بالقدس احتضنت هذه المدينة أول مدرسة تصوير فوتوغرافي بفلسطين.
 
عن سبب امتهان الأرمن لحرفة التصوير، يتحدَّث جوزيف مالكيان أن الأرمن لعبواً دوراً ريادياً في انتشار وتطور التصوير الفوتوغرافي خلال حُكم الإمبراطورية العثمانية، فقد كانوا ثاني أكبر أقلية إثنية بعد اليونانيين، وكانوا على علاقة وطيدة بالبعثات التبشيرية في الغرب، مما أدى إلى إطلاعهم على آخر التطورات التكنولوجية، بما فيها التصوير.
 
ويرجع سبب توجُّه الأرمن للحرف اليدوية والصناعات، ومنها صناعة الأدوية والكيماويات التي ساعدتهم في إتقان أساليب التظهير الكيميائية والطباعة التي كانت جزءاً لا يتجزأ من عملية التصوير آنذاك، إلى كونهم لم يتمكنوا من الالتحاق بالوظائف الحكومية والعسكرية.
 
من أشهر مصوري الأرمن في العالم يوسف كاش، الذي التقط صوراً نادرة لرئيس وزراء بريطانيا وينستون تشيرشل، وكان المصور المُعتمد للقصر الملكي.
 
ولا ننسى أن الأرمن أول مَنْ أدخلوا التصوير الفوتوغرافي إلى العراق عن طريق استديو بابل للمصور الأرمني جان جوكاسزيان، وعلى مدى نحو نصف قرن كان المصور الأرمني- المصري فان ليو متميزاً عن أقرانه، ويُقال إنه قبل وفاته أهدى مكتبة الجامعة الأميركية في القاهرة مجموعته الكاملة.