الدستور
لفتة كريمة أظهرها الرئيس الفرنسي في تعامله مع الرئيس الفلسطيني، وفي تقديمه للرئيس الأميركي صاحب الدعوة لعقد لقاء المصادقة على اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، يوم الاثنين 13/10/2025، بين حركة حماس والمستعمرة الإسرائيلية، وفي غيابهما عن هذا اللقاء، بل وفي غياب فلسطين، أصل الدعوة وعنوان القضية، والصراع فيها وحولها وسببها، وفي غياب أهلها، وصاحبها وممثلها، وكأنه مراقب، لا شأن له بالاتفاق أو بالتوقيع عليه.
تبادل إطلاق سراح الأسرى، وإعادة انتشار قوات المستعمرة الإسرائيلية لتكون خارج مدن قطاع غزة، تُشكل المرحلة الأولى من الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، والذي يبدو أنه سيبقى معلقاً طالما لم يتم استكمال تسليم جثث القتلى الإسرائيليين، من قبل حماس، حيث يتعذر معرفة أماكنهم بسبب مراكمة الانقاض وحجمها مما يحول دون إخراج الجثث وعدم سهولة كشف مواقعها، مما دفع المستعمرة لتحجيم إدخال المساعدات وإعاقة الخطوات نحو الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والمفترض أن تبدأ خطواته.
عُرس الاتفاق شكله لن يستمر، وتعود المستعمرة إلى حقيقة مضمونها العدواني ضد الشعب الفلسطيني، فهي لا ترغب استقرار الفلسطيني وأمنه، فهي التي سببت السابع من أكتوبر من خلال مواصلة الاحتلال ومنع شعب فلسطين من نيل حريته وكرامته وعودة اللاجئين من مخيمات البؤس والشقاء خارج فلسطين، إلى المدن والقرى التي سبق وطُردوا منها منذ عام 1948.
قوات الاحتلال ارتكبت الجرائم والمجازر بحق أهالي قطاع غزة، بقتل متعمد لعشرات الآلاف من المدنيين، وتجويع الأطفال، إلى حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وفق وصف وخلاصات قرارات لجان حقوق الإنسان، والأمم المتحدة.
لا يستحق نتنياهو ومن معه سوى المحاكمة على ما قارفوه بحق المدنيين، ودققوا في الفرق بين معاملة الفلسطينيين للأسرى الإسرائيليين، وما قاله الأسير الإسرائيلي الكسندر توربانوف عن المعاملة الإنسانية الأخلاقية المهنية من قبل آسريه، وتوفير كل متطلبات الكرامة والطمأنينة والحفاظ على صحته طوال أيام الأسر واحتجازه من قبل المقاومة الفلسطينية، مقارنة بأفعال الجرائم والحقد والتجويع والضرب والإهانة التي يواجهها المعتقل والأسير الفلسطيني على يد قوات الاحتلال وأجهزته الفاشية القمعية.
توقفت مأساة القتل الإسرائيلي للمدنيين، يتوقف الهجوم والعدوان، نسبياً بفعل اتفاق الرئيس الأميركي، ولكن لا تزال الأفعال والحجج الإسرائيلية باقية مستمرة، لتستمر مأساة المدنيين الفلسطينيين، من آثار الحرب والدمار ليس فقط بفقدان الأحبة العائلية، بل لا بيوت، لا أعمال، لا مدارس، لا مستشفيات، لا دخل مالي يوفر متطلبات الحياة، لا ماء، لا كهرباء، لا صرف صحي، مجتمع فلسطيني فاقد لمقومات الحياة، كما قصدها وعمل لها قادة المستعمرة، وجيشهم وأجهزتهم.
شعب فلسطين، يستحق الأفضل، يستحق الدعم والاسناد، والتضامن الفعلي الحقيقي من كافة العرب المسلمين والمسيحيين، وقوى الخير والسلام والكرامة في العالم، فهو يدفع ثمن البقاء والصمود على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره، يدفع ثمن حرصه على مقدسات المسلمين والمسيحيين، أولى القبلتين، ثاني الحرمين، ثالث المسجدين، ممر الإسراء والمعراج، مولد السيد المسيح، وكنائس المهد والبشارة والقيامة، يدفع ثمن التاريخ والحفاظ عليه، وعدم تبديده بالتزوير الصهيوني العنصري الأحادي المتطرف، يدفع ثمن مواجهة التضليل والكذب والافتراء الأوروبي السابق والأميركي اللاحق، رافضاً أن يكون شعب «الهنود الحمر» بالانصياع للإبادة والتلاشي وفقدان الهوية، بل بتمسكه بهويته الوطينة الفلسطينية، وقوميته العربية، ودياناته السماوية الحقة، ولهذا سيبقى وسينتصر، مهما بلغت التضحيات، أمام قوة العدو الذي لن يبقى، وسيهزم.