عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Oct-2025

مصر الرئيس السيسى: فى شرم الشيخ تحققت جيوسياسية دبلوماسية الأمن القومى* حسين دعسة

  

الدستور المصرية
.. إلى ما بعد الآتى من أحداث، ما زالت الأصداء السياسية والأمنية والإعلامية، تقرأ ما يفيض من أفكار أو منطلقات أو تحديات، مصدرها النجاح الباهر لقمة شرم الشيخ.. لتوقيع اتفاق إيقاف الحرب على غزة ورفح، وما نتج عنه، ليس أولًا البيان السياسى، أو تلك الظاهرة السياسية والدبلوماسية الدولية، ونهضة مصر الدولة والرئيس والشعب، والحوار العربى القومى، وعودة الأمن والسلام وإيقاف الحرب على غزة ورفح.. كل ذلك يدل على أن مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، محطة تجددت فى مسنناتها، جيوسياسية دبلوماسية مختلفة، دليل قوة على الأمن القومى المصرى، ومدلول العمل الوطنى فى أجهزة مصر الأمنية والتنفيذية والإعلامية والثقافية، وتماسك الجيش المصرى مع الإرادة الشعبية، والرؤية العربية الداعمة للتنسيق المشترك.
وفق ذلك، نعيد أسئلة الحدث: هل فعلًا، قمة شرم الشيخ، عززت القوة والسلام، وأنها من خميرة مختلفة عن الدبلوماسية الدولية الأمريكية، أو الأوروبية، بقدر ما كانت قمة التتويج عمل سياسى سيادى وإن كان فيه خبرات لا تنفصم عن الاختلاط المنسق مع الدبلوماسية العربية والإسلامية والإقليمية تحديدًا. 
* التنسيق، عميق الأثر بين مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية وتركيا. 
.. هى نتيجة سيادة الحوار المصرى الداخلى والانفتاح على المجتمع الدولى، وهذا سر نجاح، له دلالته، ومنها: 
التنسيق، عميق الأثر بين مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية، ومؤخرًا تركيا، جعل نقطة المحور فى عقد مؤتمر شرم الشيخ، حقيقة، قد يكون البعد الجيوسياسى المؤثر فيها، هو مصالح دول جوار فلسطين المحتلة، بعد إيقاف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح، وتحديدًا، أن الدور المعلن، فى التنسيق المصرى الأردنى، العربى الإسلامى، الأفق فى المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، أن مصر، التزمت مصداقية وطنية وأمنية ودبلوماسية، حدودها قوة مصر وذلك الفهم الحضارى، الإنسانى دلالات القوة دفاعها عن الأمن القومى المصرى والعربى، ومدى ديمومة هذا التنسيق فى كل الأوساط، وظهر ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وإفريقيا، وبالتالى، تلقائية التنسيق فى الجيوسياسية الأمنية العربية الإسلامية، ما دلل، توجه الدولة المصرية والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، إلى التنسيق رفيع المستوى مع الإدارة الأمريكية والبنتاجون والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى سياق، مفتوح على كل الاحتمالات التى لا تمس قوة مصر، وحضارة مصر، وجيش مصر، وثقافة وشعب مصر، فهو الدولة الوسيط الذى سخر مصر الحضارة والخبرة الأمنية والوعى الإعلامى والقوة الإنسانية، والأمن القومى، ليعلن  أنه فى مؤتمر التوقيع على اتفاق إيقاف الحرب على غزة، أن المؤتمر، هو نسيج مصر وصورتها فى المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، والدولة الوسيطة التى واكبت مأساة الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، منذ السابع من تشرين الأول، أكتوبر ٢٠٢٣، وإلى اليوم؛ لهذا، المؤتمر فى شرم الشيخ، دليل عملى، نقرأ فى نجاحه: التزام سياسى أمنى، ودبلوماسية رفيعة، هى محور عطاء وتفاوض كامل بما فى بنود ومراحل «اتفاق وقف الحرب فى غزة».
 
* إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة فى قطاع غزة
 
 
كمتابع ومحلل سياسى، إعلامى عربى، ومن بلد الأردن يجاور فلسطين المحتلة، وأكتب فى صحيفة مصرية «الدستور»، عريقة الأثر ودراستها الوطنية القومية واسعة الطيف، أجد أنه من التحديات التى تجاوزتها الدول الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، - ومؤخرًا ظهر بعض الحدود لدور تركيا كوسيط؛ من المناسب أن نقرأ مؤشرات البيان الختامى:
 
رحّب البيان الختامى لقمة شرم الشيخ، التى وقّع خلالها الرئيس الأمربكى دونالد ترامب، والوسطاء مصر وقطر وتركيا، على اتفاق وقف الحرب فى قطاع غزة، بالتقدّم الذى تم إحرازه فى إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة فى قطاع غزة، وكذلك بالعلاقات الودية والمتبادلة المنفعة بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين.
 
وأكد البيان الالتزام بالتنفيذ الحقيقى من جميع الأطراف لـ«اتفاق السلام»، الذى طرحه ترامب، مؤكدين العمل معًا على تنفيذ الاتفاق.
 
 
* وثيقة أولية.. 
«الدستور» تحصل على نص البيان الختامى لمؤتمر شرم الشيخ:
 
* الديباجة:
 
نحن، الموقّعين أدناه، نرحّب بالالتزام والتنفيذ التاريخى الحقيقى من قِبل جميع الأطراف لاتفاق السلام الذى طرحه الرئيس ترامب، والذى أنهى أكثر من عامين من المعاناة العميقة والخسائر الجسيمة، وفتح فصلًا جديدًا للمنطقة يتّسم بالأمل والأمن والرؤية المشتركة للسلام والازدهار.
 
 
 
* البند الأول:
نحن نؤيد وندعم الجهود الصادقة التى يبذلها الرئيس ترامب لإنهاء الحرب فى غزة وتحقيق سلام دائم فى الشرق الأوسط. وسنعمل معًا على تنفيذ هذا الاتفاق بطريقة تضمن السلام والأمن والاستقرار والفرص لجميع شعوب المنطقة، بمن فيهم الفلسطينيون والإسرائيليون.
 
 
 
* البند الثانى:
نُدرك أن السلام الدائم هو ذلك الذى يتمكّن فيه كل من الفلسطينيين والإسرائيليين من الازدهار، مع صون حقوقهم الإنسانية الأساسية، وضمان أمنهم، والحفاظ على كرامتهم.
 
 
 
* البند الثالث:
نؤكد أن التقدّم الحقيقى يتحقق من خلال التعاون والحوار المستمر، وأن تعزيز الروابط بين الدول والشعوب يخدم المصالح الدائمة للسلام والاستقرار الإقليمى والعالمى.
 
 
 
* البند الرابع:
نعترف بالأهمية التاريخية والروحية العميقة لهذه المنطقة بالنسبة للطوائف الدينية التى تمتد جذورها فيها — بما فى ذلك المسيحية والإسلام واليهودية. وسيبقى احترام هذه الروابط المقدّسة وحماية مواقعها التراثية أولوية أساسية فى التزامنا بالتعايش السلمى.
 
 
 
* البند الخامس:
نحن موحَّدون فى تصميمنا على تفكيك التطرف والتشدد بجميع أشكالهما. فلا يمكن لأى مجتمع أن يزدهر حين يُطَبّع العنف والعنصرية، أو حين تهدد الأيديولوجيات المتطرفة نسيج الحياة المدنية. ونتعهد بمعالجة الأسباب التى تُمكّن التطرف، وبالعمل على تعزيز التعليم والفرص والاحترام المتبادل كأسس للسلام الدائم.
 
 
 
* البند السادس:
ونلتزم من الآن فصاعدًا بحلّ النزاعات المستقبلية عبر الانخراط الدبلوماسى والتفاوض بدلًا من اللجوء إلى القوة أو الصراع الطويل. وندرك أن الشرق الأوسط لا يمكنه تحمّل دوامة مستمرة من الحروب المتكررة أو المفاوضات المتعثّرة أو التطبيق الانتقائى أو الناقص للاتفاقات الناجحة. ويجب أن تكون المآسى التى شهدناها خلال العامين الماضيين تذكيرًا عاجلًا بأن الأجيال القادمة تستحق مستقبلًا أفضل من إخفاقات الماضى.
 
 
 
* البند السابع:
نحن نسعى إلى التسامح والكرامة وتكافؤ الفرص لكل إنسان، بما يضمن أن تكون هذه المنطقة مكانًا يستطيع فيه الجميع السعى لتحقيق تطلعاتهم فى السلام والأمن والازدهار الاقتصادى، بغضّ النظر عن العِرق أو الدين أو الأصل.
 
 
 
* البند الثامن:
ونعمل على تحقيق رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار المشترك فى المنطقة، تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والمصير المشترك.
 
 
 
* البند التاسع:
وفى هذا الإطار، نرحّب بالتقدّم الذى تم إحرازه فى إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة فى قطاع غزة، وكذلك بالعلاقات الودية والمتبادلة المنفعة بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين.
* البند العاشر:
ونتعهّد بالعمل الجماعى على تنفيذ هذا الإرث والحفاظ عليه، وبناء مؤسسات راسخة يستطيع الجيل القادم أن يزدهر فى ظلها معًا فى سلام. ونلتزم بمستقبل يسوده السلام الدائم.
 
 
* الرئيس الأمريكى ترامب والوسطاء يوقعون اتفاقية إنهاء حرب غزة
 
قمة شرم الشيخ؛ فى يوم الإثنين 2025/10/13، بدأت مرحلة جديدة لإعادة إعمار غزة ومسار السلام الإقليمى. 
شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية، توقيع وثيقة شاملة بشأن الاتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس»، وذلك خلال قمة شرم الشيخ للسلام التى عُقدت برئاسة مشتركة للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ونظيره الأمريكى دونالد ترامب، وبمشاركة أكثر من 31 من قادة وملوك الدول العربية والإسلامية والغربية والعديد من المنظمات السياسية والإنسانية، الإقليمية والدولية.
 
عمليًا: وقع على الوثيقة رؤساء وزعماء كل من الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر، لتكون إطارًا سياسيًا لترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار فى غزة، ومرحلة جديدة من جهود السلام الإقليمى.
 
فى كلمته الافتتاحية، وجّه الرئيس الأمريكى الشكر لنظيره المصرى، قائلًا إن السيسى يقود دولة ذات حضارة عريقة تمتد لسبعة آلاف عام. كما أشاد بتركيا وقيادة رئيسها رجب طيب أردوغان، واصفًا إياه بأنه «رجل مذهل وصديق رائع»، مضيفًا أن تركيا «تملك أحد أفضل الجيوش فى العالم».
 
ولم يغِب عن خطابه الثناء على قطر، حيث وصف أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، بأنه «قائد مذهل»، مشيدًا بدور الدوحة فى إنجاح الاتفاق. وقبيل القمة، قال ترامب فى تصريحات لقناة «فوكس نيوز» إن قطر والسعودية والإمارات «كانت عظيمة إلى جانب الأردن ومصر»، مضيفًا: «حققنا نجاحًا كبيرًا، وكثير من الدول كانت تريد التوصل إلى اتفاق.. نمر بفترة مميزة فى الشرق الأوسط».
 
من جانبه، أكد الرئيس المصرى أن اتفاق غزة «إنجاز رائع»، مثمنًا دور ترامب، ومشددًا على أهمية ضمان دخول المساعدات الإنسانية وتسليم جثامين الرهائن الإسرائيليين، معتبرًا أن «ترامب هو الوحيد القادر على تحقيق السلام فى المنطقة».
 
واقعيًا: أكد الرئيس الأمريكى أن الوثيقة التى تم توقيعها بين قادة المنطقة تعدّ «تاريخية»، مشيرًا إلى أنها حققت ما اعتبره الجميع مستحيلًا وهو «السلام فى الشرق الأوسط».
 
وقال ترامب: «الوثيقة التى وقعناها للتو تاريخية. حققنا معًا ما قال الجميع إنه مستحيل وهو السلام فى الشرق الأوسط. الحرب فى غزة انتهت والمساعدات بدأت فى التدفق»، وأشار إلى أن مرحلة إعادة بناء غزة «قد تكون الأصعب»، لكنه لفت إلى أن «بلدانًا غنية أبلغتنى رغبتها فى المساعدة بإعادة إعمار قطاع غزة».
 
وأعرب الرئيس الأمريكى عن تقديره للدول العربية والإسلامية التى أسهمت فى تحقيق هذه الانفراجة، قائلًا: «أشكر الدول العربية والإسلامية التى مكنتنا من تحقيق هذه الانفراجة. أشكر بشكل خاص أمير دولة قطر وهو رجل استثنائى يحظى باحترام عظيم».
 
ترامب، اعتبر الاتفاق بأنه بداية لشرق أوسط جديد، «أنهينا الحرب فى غزة وهذا سيكون بداية لشرق أوسط قوى يعيش فى سلام وينبذ الإرهاب. الخطوات الأولى نحو السلام هى الأصعب. عودة الرهائن أمر مذهل والشعب الإسرائيلى يشعر بفرح غامر».
 
وحقق ترامب الدعوة المفتوحة لجميع الأطراف للانضمام إلى مسار السلام «أتمنى من الجميع الانضمام إلى اتفاقات أبراهام. الزخم الآن هو باتجاه تحقيق سلام دائم فى المنطقة. كثيرون يرغبون فى الانضمام لمجلس السلام بشأن غزة وقد نحتاج إلى توسيعه».
 
بالتأكيد على أن الاتفاق هو الأهم فى العصر الحديث، ختم ترامب بالقول: «اتفقنا على ضرورة دعم غزة ولا نريد أن نمول أى شىء يتعلق بالتحريض على الكراهية وإراقة الدماء. نريد أن تكون غزة منزوعة السلاح وأن يكون الشرق الأوسط مكانًا آمنًا. لن تحدث حرب عالمية ثالثة فى الشرق الأوسط. للمرة الأولى لدينا فرصة لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط. هذه الصفقة هى الأعظم على الإطلاق. نريد أن تحل الحياة محل الموت، والانسجام محل الكراهية، والوحدة محل الانقسام».
 
 
* حراك الاتفاق وآفاق المرحلة المقبلة
 
ليس سرًا، أن نص الاتفاق الموقع فى القمة على وقف دائم للحرب فى قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمعتقلين بين إسرائيل وحماس، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، وتشكيل إدارة فلسطينية انتقالية لإدارة شئون القطاع.
 
ومن أبرز المشاركين فى القمة، الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، والملك الأردنى عبدالله الثانى، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى، ورئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى.
 
ويُتوقع أن تُسهم القمة فى تثبيت التهدئة وإطلاق مرحلة إعادة إعمار غزة، بما يمهّد لإحياء مسار السلام الشامل فى المنطقة، وكان ترامب قد أعلن الأسبوع الماضى عن التوصل لاتفاق أولى بين إسرائيل وحماس فى شرم الشيخ، تضمن وقف إطلاق النار وتبادل أسرى، برعاية أمريكية وبمشاركة قطر وتركيا ومصر.
 
 
 
لقاء ترامب - السيسى
 
شهدت قمة شرم الشيخ، مظاهر سياسية مهمة، إذ عقد الرئيس الأمريكى اجتماعًا ثنائيًا مع نظيره المصرى، كشف خلاله عن انطلاق محادثات المرحلة الثانية من اتفاق غزة، معتبرًا أن «المراحل متداخلة إلى حد كبير» وأن هناك تقدمًا ملموسًا على صعيد الترتيبات التى تسعى واشنطن لبلورتها مع الأطراف الإقليمية.
 
وقال ترامب إن الشرق الأوسط يمر «بفترة متميزة جدًا»، متوقعًا أن يشهد العالم «الكثير من التقدم» فى الأشهر المقبلة. وأوضح أن قطاع غزة يحتاج بشكل عاجل إلى إزالة الركام والأنقاض التى خلّفتها الحرب الأخيرة، مشددًا على أن إعادة الإعمار هى «الخطوة الضرورية لعودة الحياة إلى طبيعتها».
 
وأعلن الرئيس الأمريكى عن رغبته فى انضمام السيسى إلى ما سماه «مجلس السلام لإدارة غزة»، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستشارك فى عمليات إعادة الإعمار والبحث عن جثامين الأسرى الإسرائيليين المفقودين بالتنسيق مع إسرائيل، مؤكدًا أن فرق البحث بدأت عملها بالفعل.
 
الرئيس السيسى، تألق عندما لفت للعالم، فى حواره مع الرئيس ترامب أن مصر؛ تنظر إلى إعادة الإعمار باعتبارها جزءًا من مسار سياسى شامل، وليس مجرد استجابة إنسانية. وقال السيسى: «مصر معنية بأن تكون غزة مستقرة وآمنة، وهذا يتطلب تفاهمات واضحة بين جميع الأطراف، مع التزام دولى يضمن التنفيذ». وأضاف «سأكون موجودًا إذا كنت أنت موجودًا»، فى إشارة إلى أن مشاركة مصر فى أى آلية دولية ستكون مرتبطة بالانخراط الأمريكى المباشر فى العملية.
 
وشدد السيسى على أن مصر تتحمل «مسئولية تاريخية» تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن أولويتها هى حماية المدنيين وتثبيت التهدئة وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية. لكنه أشار إلى أن القاهرة ترفض أى ترتيبات قد تؤدى إلى فصل غزة عن محيطها الفلسطينى أو تحويلها إلى عبء أمنى على مصر والمنطقة. وربط نجاح جهود الإعمار بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، محذرًا من أن غياب التوافق الداخلى سيعرقل أى مساعٍ إقليمية أو دولية لإعادة الإعمار أو ضمان الاستقرار.
 
* ترامب فى الكنيست الإسرائيلى: اختلاف فى الموقف والرؤية 
 
بدت تصريحات الرئيس ترامب فى الكنيست الإسرائيلى، مختلفة، وهو يعتقد أن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، تطوى صفحة الحرب، وهو يتعهد بإعادة الإعمار بدعم عربى.. ومساعدة دولية.
 
فى الحدث: جلسة استثنائية للكنيست الإسرائيلى، ألقى خلالها، وفق ترتيب مسبق الرئيس الأمريكى ترامب خطابًا وُصف بالتاريخى، أعلن فيه عن أن إسرائيل «حققت كامل أهدافها العسكرية»، وأن «الوقت قد حان لترجمة النصر إلى سلام دائم». وقف النواب مرات عدة لتحيته بالتصفيق، فيما رفع بعض الحضور قبعات حمراء كتب عليها بالإنجليزية «ترامب، رئيس السلام».
 
وقال ترامب: «لقد فزتم. أعنى لقد فزتم. الآن حان الوقت لتحويل هذه الانتصارات فى ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى: السلام والازدهار لكامل الشرق الأوسط».
وتوسّع ترامب فى الحديث عن غزة، وفق فهم إعلامى لطبيعة كلمة ترامب فى الأوساط الصحفية والسياسية والأمنية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ستقود برنامجًا دوليًا لإعادة الإعمار، لكنه شدد على أن العملية ستكون «مشروطة ومترابطة» مع نزع سلاح «حماس» وضمان عدم تكرار الهجمات. وأضاف «لقد تلقيت التزامات واضحة من دول عربية وإسلامية غنية خصصت بالفعل مليارات الدولارات لإعادة البناء. هذا ليس مجرد وعد، إنه خطة عملية».
 
وقال ترامب: «بعد ألم ومعاناة وموت هائل، حان الوقت للفلسطينيين ليركزوا على بناء مجتمعهم بدلًا من محاولة تدمير إسرائيل». وأكد أن «السلام الحقيقى يبدأ من المدارس والمستشفيات والمساكن، لا من الأنفاق والمخازن العسكرية».
 
وخاطب ترامب إيران بلهجة مزدوجة: «لقد وجهنا ضربات قوية إلى مواقعكم النووية، وأثبتنا أنكم لن تحصلوا على سلاح نووى. لكننا نمدّ يد الصداقة إذا اخترتم التعاون». وأضاف «قد يقولون لا يريدون اتفاقًا، لكن فى الحقيقة يريدونه. سيكون هذا أفضل قرار فى تاريخ إيران».
 
وربط ترامب بين الخطر الإيرانى واستعداد الدول العربية للانخراط فى الخطة، مؤكدًا «لو امتلكت إيران السلاح النووى، لما شعرت أى دولة عربية بالارتياح لتوقيع اتفاقنا».
 
وأشاد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلى، قائلًا: «بيبى (بنيامين نتنياهو)، أنت لست الرجل الأسهل فى التعامل، لكن هذا ما يجعلك عظيمًا». وأردف ضاحكًا: «الآن يمكنك أن تكون أكثر لطفًا قليلًا يا بيبى، لأنك لم تعد فى حالة حرب». كما مازح الحضور بشأن تأخر رحلته إلى مصر: «خطاب نتنياهو الرائع ولكنه طويل جدًا أبقانى هنا. قد أصل إلى القمة وهم قد غادروا».
 
 
.. وشهد افتتاح بدء زيارة ترامب إشارات فى كلمة لرئيس وزراء حكومة اليمين المتطرف التوراتى الإسرائيلية السفاح نتنياهو، الذى افتتح الحوار، الجلسة بخطاب أعلن فيه رسميًا انتهاء الحرب المستمرة منذ عامين، قائلًا: «اليوم نطوى صفحة الحرب». وأضاف «لقد دفعنا ثمنًا باهظًا، لكنّ أعداءنا يعرفون اليوم أن إسرائيل أقوى مما تصوروا وأن عزيمتها لا تنكسر».
 
أوضح - السفاح - نتنياهو أن الردع العسكرى هو الركيزة الأولى للسلام: «إننا نصنع السلام من خلال القوة. هذه ليست مجرد مقولة، بل الحقيقة التى قامت عليها دولة إسرائيل». وأكد أن مبادرة ترامب «تفتح نافذة تاريخية للانتقال من الحرب إلى السلام، بشرط ألا يُمسّ بأمن إسرائيل».
 
وخصص جزءًا كبيرًا من خطابه لإيران قائلًا: «النظام الإيرانى يواصل محاولاته لزعزعة استقرار المنطقة عبر الإرهاب وتمويل الميليشيات. رسالتنا واضحة: لن نسمح لطهران بامتلاك سلاح نووى أو بمدّ أذرعها إلى حدودنا».
 
وتوجه نتنياهو مباشرة إلى ترامب قائلًا: «أنت أعظم صديق لإسرائيل عرفته فى البيت الأبيض عبر التاريخ». وأعلن عن ترشيحه لنيل «جائزة إسرائيل»، مضيفًا: «لقد غيرت قراراتك وجه المنطقة.. نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس، اعترفت بسيادتنا على الجولان، وانسحبت من الاتفاق النووى الكارثى مع إيران».
* زعيم المعارضة يائير لابيد: لحظة تاريخية
زعيم المعارضة يائير لابيد، فقد أعلن عن أن «الحرب انتهت.. وإسرائيل هنا لتبقى». وأشاد بالوساطة الأمريكية قائلًا: «ترامب أنقذ الملايين من ويلات الحرب ويستحق جائزة نوبل للسلام».
 
وأضاف لابيد: «عيوننا مملوءة بالدموع اليوم.. أطفالنا يعودون إلى منازلهم». ودعا إلى تحويل الانتصار العسكرى إلى مسار سياسى أوسع «يثبت وقف القتال ويمنع العودة إلى التصعيد»،
 
الحدث فى داخل الكنيست، تزامن مع مقاطعه نائبين يساريين خطاب ترامب ونتنياهو ورفعوا لافتة كُتب عليها «إبادة جماعية» قبل أن يتم إخراجهما بسرعة، بينما ردّ ترامب: «ذلك كان سريعًا وفعالًا للغاية».
 
* اتفاق وقف الحرب على غزة: ملامحه ودوافعه والتحديات المقبلة
 
استبق «المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات»، وهو يعمل من العاصمة القطرية الدوحة، قمة شرم الشيخ، ونشر يوم الإثنين 2025/10/13، قراءات خصصها، بشكل مجرد لاتفاق وقف الحرب على غزة: ملامحه ودوافعه والتحديات المقبلة. 
واعتبر المركز، أن: الاتفاق خطوة أولى لإنهاء حرب الإبادة على غزة 
أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى 9 أكتوبر 2025، موافقة إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» على خطة السلام التى اقترحها لوقف الحرب فى قطاع غزة. وجاء رد حماس حول النقاط التى توافق عليها فى الخطة من دون التطرق إلى ما لا يتفق مع موقفها، ومن ذلك استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب البدء فى انسحاب تدريجى لقواتها من قطاع غزة «وهو ما لم يرد فى خطة ترامب على نحو واضح». وفى المقابل، أقرّ مجلس الوزراء الإسرائيلى الاتفاق بعد يوم واحد من إعلان الوسطاء عنه رسميًا. وبينما عدّ ترامب رد حماس الإيجابى فى صيغته بمنزلة موافقة على الخطة، تفاجأت إسرائيل بهذا التفسير؛ إذ اعتبرته موافقة على المرحلة الأولى فحسب، وظل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يكرر ضرورة تنفيذ المراحل الأخرى، التى تشمل نزع سلاح حماس. وعلى الرغم من التفاؤل المحيط بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، فإن غموضًا يكتنف المراحل اللاحقة، لا سيما ما يتعلق بآليات التنفيذ وضمانات وقف الحرب نهائيًا.
 
 
 
* دوافع التوصل إلى وقف إطلاق النار
 
يرى «المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات»، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أسهمت فى تعميق عزلة إسرائيل الدولية، وأحدثت تحولات عميقة فى توجهات الرأى العام العالمى نحوها، بما فى ذلك داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بيّنت استطلاعات الرأى العام تفوق تعاطف الأمريكيين مع الفلسطينيين على تعاطفهم مع إسرائيل، أول مرة، وامتد هذا التحول إلى المعسكرين الجمهورى والديمقراطى، فى أوساط الشباب. وفى موازاة ذلك، تصاعدت الاحتجاجات فى مدن العالم وعواصمه، وعلى المنصات الرقمية، مطالبةً بوقف حرب الإبادة التى ترتكبها إسرائيل، وإنهاء تجويع الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية، وكسر الحصار الخانق على القطاع. وانعكست هذه الضغوط الشعبية فى تغيّر مواقف عدد من الدول الغربية المعروفة تاريخيًا بدعمها إسرائيل، مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، والتى اتجهت إلى الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر حل الدولتين، الذى عُقد على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، فى سبتمبر 2025، على الرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن وتل أبيب.
 
وفى بُعد آخر، شكّلت هذه الحرب تحديًا للدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل؛ إذ بات من الصعب الاستمرار فى التماهى مع السردية الإسرائيلية بعد عامين على حرب الإبادة، وتصاعد الغضب الدولى إزاء جرائم إسرائيل وصلفها، وتزايد الدعوات فى التعامل معها بوصفها دولة منبوذة ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومع قادتها باعتبارهم مطلوبين للعدالة الدولية؛ ما زاد من العبء على الولايات المتحدة فى دعمها لها دوليًا. وبرزت بوادر التحول أيضًا فى موقف الرئيس ترامب، الذى يعدّ أكثر الرؤساء الأمريكيين دعمًا لإسرائيل؛ إذ بدا أنه فقد صبره إزاء رغبة نتنياهو فى الاستمرار فى الحرب من دون أفق واضح لإنهائها، ولا سيما مع استعداد إسرائيل لاحتلال مدينة غزة، التى يقطنها نحو مليون فلسطينى وشروعها فى تهجيرهم، واحتمال ارتكاب مجازر مروعة فى حق المدنيين. وإضافة إلى ذلك، أدت رغبة ترامب الشديدة فى الحصول على جائزة نوبل للسلام دورًا مهمًا أيضًا فى تحول موقفه نحو وقف الحرب فى غزة، حيث يجهد فى ترسيخ صورته كـ «صانع سلام» فى العديد من الصراعات حول العالم.
 
* الحرج الأمريكى من سياسات نتنياهو
 
تزايد الحرج الأمريكى من سياسات نتنياهو، حسب الدراسة، خصوصًا عقب العدوان الإسرائيلى الذى استهدف دولة قطر فى 9 سبتمبر 2025، وما أثاره من موجة غضب فى الأوساط العربية والإسلامية. ويبدو أن العدوان الإسرائيلى الفاشل على الوسيط القطرى، والذى جاء متزامنًا مع موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وتزايد عزلة إسرائيل والولايات المتحدة على الساحة الدولية، والتحولات العميقة فى توجهات الرأى العام الأمريكى والدولى، مثّلت كلها مجتمعةً نقطة تحوّل دفعت ترامب إلى إعلانه أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب فى غزة؛ فاغتنم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد اجتماع مع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية، أبرزها قطر وتركيا والسعودية والأردن وباكستان ومصر، لبلورة خطته لوقف الحرب، واستُدعى فى إثرها نتنياهو إلى واشنطن لإبلاغه بذلك.
.. ونتج عن هذه التطورات والأحداث التى كركت المجتمع الدولى:
 
* ١:21 نقطة
 
أعلن ترامب عن خطته المؤلّفة من 21 نقطة خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نتنياهو فى البيت الأبيض، والتى كانت فى الحقيقة صياغة إسرائيلية، شملت جميع النقاط التى تكررها إسرائيل بوصفها أهداف الحرب، وجاءت إنقاذًا لنتنياهو من العزلة الدولية بتحويل شروطه لوقف الحرب إلى مبادرة دولية. وقد شكل الإعلان عن الخطة، وتأييد دول عربية وإسلامية لها، على الرغم من عدم أخذ أى من اقتراحاتها فى الاعتبار، حرجًا كبيرًا لحركة حماس؛ ما دفعها إلى إصدار بيان يُظهر استعدادها للتعامل مع الخطة من باب خلق ديناميكية تصعِّب العودة إلى الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين «وجميعهم جنود وضباط» الذى تحولوا إلى عبء عليها. والرهان أن ينجم عن إطلاق سراحهم واحتفاء ترامب بإنجازه أجواء دولية ضد العودة إلى الحرب هو رهان معنوى أساسًا. ويعتمد نجاحه على مدى ضغط الرأى العام فى الغرب «نقطة القوة الرئيسة حتى الآن»، وعلى موقف واضح من الدول العربية، وهو نقطة الضعف الرئيسة منذ بدء الحرب. وقد كان رد حماس المخرج الوحيد الممكن بمنح ترامب الإنجاز الذى أراده من دون قبول البنود الإسرائيلية فى خطته.
 
* ٢: محادثات غير مباشرة
 
 
جاء الاتفاق على المرحلة الأولى من الخطة نتيجة لمحادثات غير مباشرة استضافتها مصر فى شرم الشيخ، بعد يوم واحد من الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة. وشارك فى هذه المحادثات مسئولون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة وقطر وتركيا ومصر، ما أضفى عليها أهمية سياسية كبيرة. وأوفد ترامب صهره جاريد كوشنر المعروف بقربه من نتنياهو، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمشاركة فى المحادثات؛ ما عكس مدى اهتمام ترامب بالتوصل الى اتفاق.
 
*٣: الخطة الإطارية
 
 
وفى اليوم التالى، أعلن ترامب عن أن إسرائيل وحماس وقّعتا على المرحلة الأولى من الخطة الإطارية، التى تنص على وقف القتال، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يُعرف بـ «الخط الأصفر» فى غزة، الذى يُفترض أن يشكّل الحد الفاصل لمرحلة الانسحاب الإسرائيلى الأوّلى وفقًا للخطة.
 
 
 
* الملامح العامة للاتفاق
 
أعلن رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قطاع غزة، خليل الحية، التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب فى القطاع، يتضمّن انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا منه وتبادلًا للأسرى بين الطرفين. وأكد أن الحركة تلقّت ضمانات من الولايات المتحدة وعدد من الوسطاء الإقليميين تقضى بإنهاء العمليات العسكرية وبدء تنفيذ بنود الاتفاق. وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية فجر الجمعة «10 أكتوبر» أن الحكومة صدّقت رسميًا على مقترح ترامب لإنهاء الحرب وإعادة المحتجزين. وقد شارك كوشنر وويتكوف فى جزء من جلسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالتصديق على الاتفاق، فى محاولة لزيادة الضغط على أعضاء الحكومة من المتطرفين للتصويت لصالح الخطة، حيث وصف كوشنر الصفقة بأنها «ستُسهم فى عزل حركة حماس، وستدفع عددًا من الأطراف فى العالم العربى إلى السلام، وأن الاتفاق يحافظ على أمن إسرائيل». ويبدو واضحًا أن الهدف من ذلك تحويل عزلة إسرائيل إلى عزلة لحماس. ومع ذلك، صوّت أعضاء فى الحكومة ضد خطة ترامب، وعلى رأسهم وزير المالية بتسئيل سموتريتس، ووزير الأمن القومى إيتمار بن غفير. وعقب تصديق الحكومة، أعلن الجيش الإسرائيلى بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار اعتبارًا من ظهر يوم الجمعة، إيذانًا ببدء المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة. فى حين أكّد نتنياهو أن القوات الإسرائيلية ستبقى فى القطاع لضمان نزع سلاح حماس، مضيفًا: «إذا تحقق ذلك بسهولة فسيكون أمرًا جيدًا، وإن لم يتحقق، فسيتم بالطريقة الصعبة». وهذا يعنى تهديدًا صريحًا بمواصلة الحرب.
 
تنص المرحلة الأولى من الخطة على أن تسحب إسرائيل قواتها إلى «الخط الأصفر» خلال 24 ساعة، مع تدفق المساعدات الإنسانية، وتنفيذ عملية تبادل الأسرى والجثامين فى غضون ثلاثة أيام. وتُبقى إسرائيل خلالها على سيطرتها على نحو 53 فى المائة من مساحة القطاع. وتشير التقديرات إلى أن التبادل سيشمل 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء، فى حين يُعتقد أن 26 آخرين لقوا حتفهم، إضافة إلى اثنين ما زال مصيرهما مجهولًا. وأوضحت حماس أن عملية استعادة جثامين القتلى قد تستغرق وقتًا أطول من عملية إطلاق سراح الأحياء. وفى المقابل، ستفرج إسرائيل عن 250 أسيرًا فلسطينيًا من ذوى الأحكام الطويلة، إضافةً إلى 1700 آخرين اعتُقلوا خلال الحرب. وبعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، ستبدأ شاحنات المساعدات الغذائية والطبية فى التدفق إلى القطاع، دعمًا للغزيين الذين اضطر مئات الآلاف منهم إلى اللجوء إلى المخيمات بعد تدمير منازلهم ومدنهم بالكامل بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأكد ترامب أن «لا أحد سيُجبَر على مغادرة غزة».
 
وعلى الرغم من إعلان ترامب عن ثقته بصمود وقف إطلاق النار، وإشارته إلى وجود «إجماع» على الخطوات التالية، أقر بوجود تفاصيل لم تُحسم بعد فى المراحل اللاحقة، وهو ما دفعه إلى السعى لمنح الاتفاق زخمًا إضافيًا، عبر إعلان نيته زيارة المنطقة، وإلقاء كلمة أمام الكنيست الإسرائيلى، إضافة إلى زيارة مرتقبة إلى مصر، حيث ستُجرى مراسم التصديق على الاتفاق بحضور عدد من قادة المنطقة والعالم.
 
وأعلنت القاهرة لاحقًا عن قمة دولية الإثنين 13 أكتوبر، بمشاركة أكثر من عشرين زعيمًا، من بينهم الرئيس ترامب، فى إطار الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال القتالية وتعزيز الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن تكون هذه القمة مرتبطة بالمرحلة التالية من خطة ترامب، والتى تتضمن تشكيل هيئة دولية تُعرف باسم «مجلس السلم العالمى»، يتولى الإشراف على إدارة قطاع غزة بعد الحرب، ويرأسه ترامب نفسه. فى حين رفضت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، فى بيان مشترك، ما وصفته بـ«الوصاية الأجنبية»، مؤكدةً أن إدارة غزة شأن فلسطينى داخلى بحت.
 
وفى إطار تنفيذ الاتفاق، قررت الولايات المتحدة نشر نحو 200 جندى ضمن قوة عمل مشتركة لمراقبة التنفيذ. وفى هذا السياق، زار قائد القيادة المركزية الأمريكية، براد كوبر، قطاع غزة، لبحث «آليات تأسيس مركز تنسيق لدعم الاستقرار ما بعد الحرب»، مشددًا فى الوقت ذاته على أن الجيش الأمريكى لن ينشر قوات داخل القطاع. أما الدول العربية والإسلامية التى ترغب واشنطن فى إشراكها فى قوة حفظ الاستقرار، مثل إندونيسيا وأذربيجان، فقد اشترطت أن يجرى ذلك تحت غطاء قانونى واضح، سواء من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو عبر قرار من جامعة الدول العربية.
 
 
 
* هل يصمد تنفيذ الاتفاق؟
 
يلجأ «المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات»، إلى مناورة إعلامية، ولها أبعادها السياسية، إلى طرح سؤال مرحليا دقيق: هل يصمد تنفيذ الاتفاق؟
.. وفى الإجابة يترك الانطباعات المستقبلية التالية:
 
* أولًا: 
على الرغم من نجاح الوسطاء فى حل العديد من نقاط التباين بين حماس والاحتلال الإسرائيلى بشأن المرحلة الأولى فقط من الخطة، فإنه لم يتضح بعد إذا ما كانت المفاوضات قد أحرزت تقدمًا حقيقيًا فى القضايا الأكثر تعقيدًا. فالاتفاق الذى جرى التوصل إليه يُعد مجرد خطوة أولى ضمن خطة أوسع نطاقًا، ولا يمكن التعويل عليه لتحقيق استقرار دائم ما لم يجرِ التوافق على المراحل اللاحقة. ففى حين تمثل المرحلة الأولى الجزء الأقل تعقيدًا فى الاتفاق، لا تزال الأسئلة المتعلقة بمصير المقاومة الفلسطينية وسلاحها، وإعادة إعمار القطاع وإدارته، والانسحاب الإسرائيلى الكامل منه، من دون إجابات أو تصورات واضحة. بناءً عليه، لا تتجاوز خطة ترامب، باستثناء مرحلتها الأولى التى تتضمن إجراءات واضحة ملزمة للطرفين، كونها خطوطًا عامة ومبادئ أولية تفتقر إلى استراتيجية شاملة وواضحة لتنفيذها بما يؤدى الى إنهاء الصراع وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية. ويظل ذلك رهنًا بقدرة نتنياهو على المناورة واستغلال الثغرات الكثيرة والغموض القائم حول العديد من نقاط الخطة لصالحه، فى غياب ضمانات ملزمة تفرض عليه الالتزام ببنود الاتفاق، وهو ما ظهر عمليًا فى موضوع قائمة الأسرى الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن التنفيذ المتزامن لبنود المرحلة الأولى قد يقلل من فرص إفشال الاتفاق، فإن المخاوف تبقى قائمة من احتمال تملّص نتنياهو من التزاماته اللاحقة بعد استعادة المحتجزين الإسرائيليين.
* ثانيًا:
وبهذا المعنى، فإن تحديات حقيقية تهدد المراحل اللاحقة من الاتفاق، وسيعتمد إلزام إسرائيل على وقف الحرب نهائيًا على الإرادة السياسية للمجتمع الدولى، بما فى ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية، الراغبة فى إنهاء الحرب والتصدى لرغبة نتنياهو فى استئنافها.
 
 
 
* ثالثًا:
يمثل الإعلان عن اتفاق وقف الحرب فى غزة خطوةً هى الأهم حتى الآن نحو إنهاء حرب إبادة استمرت عامين، وأسفرت عن استشهاد أو إصابة ما يقارب ربع مليون فلسطينى؛ أى ما يعادل نحو 13 فى المائة من سكان القطاع، وهى أكبر نسبة ضحايا بين المدنيين شهدتها حروب التاريخ المعاصر. يستند الاتفاق فى مرحلته الأولى إلى زخم دولى وضغوط أمريكية مكثفة يقودها الرئيس ترامب؛ ما يجعل من الصعب على نتنياهو التنصل منه، على الرغم مما تتضمنه الخطة الإطارية من تبنٍّ واضح للمطالب الإسرائيلية.
 
* رابعًا:
يقوم الاتفاق على مرحلتين؛ تتضمن الأولى وقفًا لإطلاق النار وانسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية، يتبعهما تبادل للأسرى والرهائن. وتشكل هذه المرحلة ركيزة أساسية لتثبيت وقف إطلاق النار، غير أن الاتفاق فى مجمله لا يخلو من التعقيد، إذ يستند إلى ثلاث مرجعيات مختلفة. فحركة حماس والفصائل الفلسطينية لديها رؤيتها بشأن بنود الاتفاق الأولى ومآلاته النهائية، فى حين تحتفظ إسرائيل بتصور مغاير تمامًا لشكله النهائى وشروط تنفيذه، أما الولايات المتحدة، التى رضخت فى خطتها للشروط الاسرائيلية، فتحاول الحفاظ على قدرٍ من المرونة يفضى إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهذا مرهون بقدرتها على الضغط على إسرائيل لكى تقبل أن تحلّ الخلافات المتبقية بشأن سلاح المقاومة ووجود قواتها فى القطاع بالتفاوض، وليس بمواصلة الحرب. ولكن من غير الواضح إذا ما كان سيُترجم الزخم الدولى فى قمة شرم الشيخ إلى ضغط لوقف الحرب نهائيًا ومواصلة التفاوض، أم أنه سيتحول إلى ضغط على حماس وتبرير لمواصلة إسرائيل الحرب بحجة رفض المقاومة تنفيذ البنود الإسرائيلية فى الخطة الأمريكية.
 
 
* كسر الرواية الإسرائيلية.. والإعلام المضلل
 
من قبل قمة شرم الشيخ، كانت مصر والأردن، محاور رئيسة للتنسيق المشترك، وهى ياسمين الشرق والقدس والقاهرة وعمان فى مخاطبة العالم بهدوء سياسى ودبلماسية تعرف كيف تحفظ الأمن الوطنى والأمن القومى السردية الثقافية والحضارية، وهنا، جاء فى اعتراف غير مسبوق، ما «نشرته صحيفة هآرتس العبرية الموالية للحكومة الإسرائيلية مؤخرًا تقريرًا وصفت فيه الملك عبدالله الثانى بن الحسين بأنه أكثر زعيمٍ أوجع إسرائيل فى حرب غزة الأخيرة، وذلك بفضل قدرته الفائقة على مخاطبة الرأى العام العالمى بحجةٍ قويةٍ ومنطقٍ مؤثر، جعلاه المتحدث الفعلى باسم العرب والمسلمين فى المحافل الدولية. الصحيفة أقرّت بأن خطاب الملك عبدالله، القائم على المنطق الأخلاقى والإنسانى، نجح فى كسر الرواية الإسرائيلية المضللة وإعادة تعريف الحرب أمام الضمير العالمى، لتصبح قضية غزة قضية عدالة إنسانية لا نزاعًا سياسيًا فحسب.
لم تتوقف البطولة عند حدود الخطاب السياسى، بل تجسدت فى القرار السيادى الشجاع لكل من الملك عبدالله الثانى والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، برفض فتح الحدود أمام محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. هذا القرار كان بمنزلة السدّ العربى المنيع الذى حال دون تنفيذ أخطر مخططات الاحتلال الصهيونى فى القرن الحادى والعشرين، والمتمثل فى «تفريغ غزة والضفة من سكانهما» تحت ذريعة الحرب.
فلو فُتحت الحدود، كما يوضح المراقبون، لما بقى فلسطينى واحد فى غزة خلال الأسبوع الأول من المعركة، ولانتهت القضية إلى مأساة تهجير جديدة تُشبه نكبة عام 1948. لكنّ القيادة الأردنية والمصرية، بتنسيقٍ دقيقٍ وحكمةٍ عميقة، أفشلت هذا المخطط وأثبتت أن الإرادة السياسية الواعية يمكن أن تحمى الشعوب دون إطلاق رصاصة واحدة.
بطولة أهل غزة التى يشهد بها العالم اليوم لم تُصنع فى فراغ، بل صاغتها أيدٍ أردنية ومصرية اتخذت موقفًا حاسمًا منع سقوط غزة فى فخّ التهجير الجماعى. لقد امتزج صمود الغزيين تحت النار مع صلابة القرار فى عمّان والقاهرة، ليولد شكل جديد من البطولة العربية المشتركة التى تجمع بين التضحية الميدانية والحكمة السياسية.
هذه الحقيقة قد لا يصرّح بها كثيرون، لكنها تظل واقعًا سياسيًا واضحًا لا يمكن تجاهله: أن صمود غزة هو ثمرة موقف عربى أصيل يقوده الملك عبدالله الثانى والرئيس السيسى، اللذان حملا على عاتقهما مسئولية الدفاع عن الوجود الفلسطينى فى وجه مشروع الإبادة والتصفية.
يبدو أن البعض يتجاهل عمدًا أو عن غير قصد الدور المركزى للأردن ومصر فى هذه المرحلة الحرجة، ربما لأن الاعتراف به يعنى الاعتراف بأن الأمة ما زال فيها زعماء يملكون الرؤية والإرادة. لكن التاريخ لا يرحم، وهو يسجل اليوم أن الملك عبدالله الثانى والرئيس السيسى وقفا فى الصف الأمامى لحماية الشعب الفلسطينى، ليس بالشعارات، بل بالمواقف الفعلية التى غيّرت مجرى الأحداث.
أبطال غزة الحقيقيون، كما تصفهم الوقائع لا الشعارات، ليسوا فقط أولئك الذين يقاتلون فى الأزقة وتحت الأنقاض.
.. شكرًا لقوة واستقرار مصر الرئيس السيسى الذى جعل الإدارة الأمريكية تنظر فى قوة وحضارة وتاريخ مصر، وكذلك التنسيق المشترك العربى الإسلامى، وأيضًا نجاح سياسة الاحتواء للرئاسة والإدارة الأمريكية، وثبات العلاقة بين الشعب والرئيس والجيش والرؤية التى بادلها الرئيس المصرى مع العالم فى خطاب واضح أن إيقاف الحرب إيقافًا نهائيًا هو السلام والاستقرار وديمومة الأمن. 
تحيا مصر لأنها أدركت غزة.. وكلنا نترقب استقرار مراحل الاتفاق وبالتالى، دفء السلام والأمن.