عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Nov-2025

ترامب يترنح.. بين تنازلات استراتيجية لـ"بن سلمان" وضعف أمام ممداني!* رجا طلب
الرأي - 
في لقاءين متعاقبين زمنيا، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منفتحًا على تقديم تنازلات استراتيجية مهمة — ليس فقط من الناحية الاقتصادية أو الأمنية، بل أيضًا في ملفات حسّاسة مثل القضية الفلسطينية — أمام خصمين مختلفين: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني، وفي الوقت الذي قدّم فيه ترامب ما يشبه التنازل، أظهرا بن سلمان وممداني تمسكًا قويًا بمواقفهما، خصوصًا فيما يتعلق بمعاناة الشعب الفلسطيني وما ترتكبه اسرائيل في غزة.
 
من أبرز ما تمّ خلال لقاء ممداني مع ترامب هو وصف عمدة نيويورك لما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية" بتمويل أمريكي، وان إسرائيل ترتكب هذه الإبادة مدعومة من الولايات المتحدة وباموال دافع الضرائب الاميركي، وهنا نجد ان ممداني ربط المعاناة الفلسطينية بالمسؤولية الأمريكية، ورغم شدة وقع هذا الوصف وربطه بواشنطن وفي قلب البيت الابيض، لم يعترض عليه ترامب او حتى يظهر عدم موافقته عليه بل على العكس، بدا متفهمًا إلى حد ما، وحرص على التركيز على النقاط المشتركة بينه وبين ممداني فيما يتعلق بخدمة المواطنين المحليين (مثل الإسكان وأسعار المعيشة).
 
صمت ترامب على وصف الابادة يمكن النظر إليه باعتباره لطمة ادبية وسياسية ستسجل ضده امام القوى الصهيونية الاميركية، فترامب و بدلاً من الانخراط في صدام أيديولوجي مباشر مع ممداني اختار التركيز على القضايا اليومية التي تهم الناخبين، وحول اللقاء إلى منصة تفاهم عملي على عكس سلوكه المعتاد، و في المقابل فان ممداني لم يتخلّ عن وصفه "الابادة" وهو ما يدلل على ان ممداني حمل قناعاته التى اعلنها لجمهوره الى البيت الابيض، وجاهر بها امام شخصية مثل ترامب اعتادت على توبيخ ضيوفها.
 
ومن حيث التقييم لم يكن لقاء ترامب بن سلمان ايضا لصالح الرئيس الاميركي بل ظهر بمظهر المحتفي وبمبالغة بزيارة بن سلمان بدءا من الاستقبال التاريخي في باحة البيت الابيض مرورا بكافة تفاصيل المباحثات وصولا للمؤتمر الصحفي الذي جند فيه ترامب نفسه ليمنع الصحفيين من توجيه اي انتقادات لشخص الامير بن سلمان او للمملكة العربية السعودية هذا عدا تاكيد بن سلمان على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة يعد شرطًا للتطبيع مع إسرائيل، ووفقا لبعض التقارير الإعلامية، فان بن سلمان أخذ ضمانًا من واشنطن ببدء مفاوضات تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية خلال خمس سنوات وهذا المطلب يُعدّ تنازلًا من ترامب إذا ما قبل به، لأنه يعيد ملف القضية الفلسطينية إلى أولويات الاستراتيجية الأمريكية مع شريك عربي مهم، ويفتح الباب أمام التزام طويل الأمد لحل الدولتين، ويشطب الفيتو الذي وضعته هذه الادارة على الدولة الفلسطينية.
 
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتنازل ترامب؟.
 
اعتقد انها براغماتية ترامب المعروفة والذي يسعى من خلالها إلى توسيع قاعدة دعمه والتعاون مع قوى داخلية وخارجية، خاصة ان هذه التنازلات "غُلفت" في اطار انها مكاسب اقتصادية استراتيجية (استثمارات سعودية) وشرعية سياسية (دعم محلي في نيويورك)، واعادة انتاج دور واشنطن في الشرق الأوسط عبر شراكات استراتيجية، اما ولى العهد السعودي سيحقق هدفين مهمين:
 
أولا: الضغط لدفع ملف الدولة الفلسطينية إلى مكان حيوي ضمن الأجندة الأميركية، مما يعزز دور الرياض كمنسّق محوري للقضية الفلسطينية.
 
ثانياً: استثمار اقتصادي كبير في الولايات المتحدة يعزّز التحالف الاستراتيجي بين البلدين دون التخلي عن مبادئ معينة (مثل دعم حل الدولتين) بالاضافة للتسلح بطائرات الشبح F35 و مشاريع الطاقة النووية.
 
بكل تاكيد لن يمر هذان اللقاءان دون تاثيرات مباشرة على ترامب سواء داخل الحزب الجمهوري او بين انصاره من اللوبي الصهيوني او مناصريه من الانجليين، وقد يكون ملف جيفري ابستين الذي فتح وبشكل رسمي احد اخطر الادوات الذي قد تزعج ترامب وتتسبب له بصداع يستمر معه لنهاية ولايته في يناير من عام 2029 وربما يطيح به قبل هذه الفترة.
 
إن هذا التداخل بين القضايا الاقتصادية، السياسية، والإنسانية في اللقاءين يطرح السؤال الكبير هل هذه التنازلات من ترامب هي بداية تحول استراتيجي في التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط، أم أنها مناورة قصيرة الأجل؟ وهل سيترجم بن سلمان وممداني تطلعاتهم الكبرى إلى واقع ملموس، أم أن الطريق ما زال محفوفًا بالمطبات؟؟.