عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Sep-2025

"الخرافة!".. حسني عايش يقدم رحلة استكشافية في عالم المعتقدات

 الغد-عزيزة علي

 يأتي كتاب "الخرافة.. وما أدراك ما الخرافة!" للباحث حسني عايش كرحلة استكشافية عميقة في عالم الأفكار والمعتقدات التي لطالما رافقت الإنسان عبر تاريخه. ليس مجرد كتاب يُقرأ، بل تجربة فكرية تُحفّز على إعادة النظر في ما نعتقده، وتفتح نافذة للتفكير النقدي بعيدًا عن الظلال التي تلقيها الخرافات على عقولنا.
 
 
جاء الكتاب الصادر عن دار "الآن ناشرون وموزعون"، حيث يشير عايش إلى أن هذا الكتاب يأتي كمشروع فكري يستكشف ظاهرة الخرافة من زوايا متعددة: تاريخية، دينية، اجتماعية ونفسية. في الفصل الأول، بعنوان "الخرافة في التاريخ"، نطرح تساؤلات جوهرية حول ماهية الخرافة وحدودها الضبابية مع المعتقد الديني والفلسفي. 
هل كل ما نرفضه اليوم على أنه "خرافة" كان يوما جزءا من عقيدة؟ وكيف تحولت ممارسات بشرية عابرة للقارات إلى طقوس مُدانة أو مُستهجنة؟ هنا تبدأ رحلتنا بفك تشابك المصطلح نفسه، مستعينين بحالات تاريخية تُبرز كيف أن الخط الفاصل بين "المقدس"، "الخرافي"، قد يكون أرقى مما نتصور.
ثم يأتي الفصل الثاني، "الإصلاح الديني في أوروبا"، حيث نسلط الضوء على لحظة مفصلية في الصراع بين العقل والخرافة.
أما الفصل الثالث، "فما هي الخرافة أو المعتقد الخرافي؟"، فيتناول الإشكالية التعريفية للخرافة عبر العصور. هل هي مجرد اعتقاد خاطئ يفتقد للأدلة؟ أم هي أي ممارسة ترفضها الأديان المؤسسية؟ نناقش هنا آراء الفلاسفة وعلماء الاجتماع، من هيوم إلى مالينوفسكي، لنفهم كيف تُصنَّف الخرافة، ولماذا تُعتبر أحيانًا رديفًا للجهل، وأحيانًا أخرى تعبيرا عن حاجة نفسية عميقة إلى الأمان والتحكم في المصير.
وفي الفصل الرابع، "فئات الخرافة"، نصنف الخرافات إلى أنواع بناء على وظائفها وموضوعاتها: خرافات الحماية من الشرور، خرافات الجذب والحظ، خرافات تفسير الظواهر الطبيعية، وغيرها. نكتشف أن الخرافة قد تكون فردية أو جماعية، محلية أو عابرة للحدود، لكنها تشترك جميعا في كونها مرايا تعكس مخاوف المجتمعات وتطلعاتها. كما نستعرض كيف تتحول بعض الخرافات إلى رموز ثقافية، مثل "القطة السوداء" في الغرب، أو "العين الحاسدة" في الشرق، وكيف تختلف دلالاتها بحسب السياق.
ويعتبر المؤلف أن البحث لا يكتمل دون الغوص في أمثلة حية، وهو ما يقدمه الفصل الخامس، "من الخرافات أو المعتقدات الخرافية"، حيث نستعرض تشكيلة من الخرافات العالمية والمحلية، من الاعتقاد بتأثير النجوم على الشخصية (الأبراج)، إلى طقوس تفادي "الحسد"، ومن أساطير الكائنات الخارقة إلى الخوف من الرقم 13. يُقدم كل مثال مع تحليل لسياقه التاريخي والاجتماعي، مُظهرًا كيف تتناسخ الخرافات وتتكيف مع كل عصر.
أخيرًا، في الفصل السادس، "مدى انتشار الخرافة في المجتمع"، نطرح سؤالًا مصيريًا: "هل تتراجع الخرافة حقًا مع انتشار التعليم والعلم؟" وقد تصدمك الإجابة. تُظهر الإحصاءات أن نسبًا كبيرة من البشر، بمن فيهم المتعلمون، ما زالوا يتمسكون بمعتقدات خرافية في قرارة أنفسهم، خاصة في لحظات الأزمات أو عدم اليقين. نناقش هنا العوامل النفسية، كالحاجة إلى التحكم في المجهول، والعوامل الاجتماعية مثل التنشئة الأسرية والتأثير الإعلامي، التي تجعل الخرافة عصية على الاندثار، بل قد تزدهر في ظل التحولات الراهنة، مثل انتشار "خرافات الإنترنت" والأفكار المؤامراتية.
وقدّمت الشاعرة زليخة أبو ريشة تمهيدًا للكتاب، أشارت فيه إلى أن كتاب "الخرافة.. وما أدراك ما الخرافة!" يُعد استكمالًا نقديًا لأطروحات المؤلف الفكرية في قضايا التعليم والتعلّم، والتفكير والتفكر، ومهارات العقل ومهماته.
وقد حرص المؤلف على توضيح أن كتاب "الخرافة.. وما أدراك ما الخرافة" ليس هجومًا على المعتقدات الشخصية، ولا دفاعًا عنها، بل هو محاولة لفهم واحدة من أغرب الظواهر الإنسانية التي تجمع بين البدائي والمعاصر، وبين الفردي والجماعي، وبين الخوف والأمل.
وشرح أن الخرافة تشبه المرآة التي يرى فيها الإنسان نفسه أثناء بحثه عن معنى وسط عالم من الغموض.