الدستور
و من يشرب الخمر في الأردن؟ و إذا ما سألت الحكومة، فإن بيع الخمر ممنوعٌ، وإذا ما سألت رجل دينٍ يقول: إن الخمر حرامٌ.
و أن شرب الخمر العلني، وشراء الخمر ممنوعٌ للمسلمين. لربما، هي أسئلة خاطفة من وراء تفاعلات مجزرة كحول الزرقاء الفاسدة، وامتدادات المجزرة، والتي من المتوقع أن تعم مدن المملكة.
و حتى ظهر أمس الاثنين بلغ عدد الوفيات 9 أشخاص، وتم تسجيل إصابات في الأغوار والبلقاء وإربد، ويتراوح عددهم 15 شخصًا.
مجزرة الكحول الفاسدة وتفاعلاتها، لم تكن على مستوى فضيحة بيع كحول مغشوشة. و إنما ما يخلق سؤالًا ملتبسًا وعجيبًا: من يشتري ويشرب الخمر في الأردن؟ رسميًّا، وإذا ما رجعت إلى تراخيص مصانع ومحلات بيع الخمور، فإنها مرخّصةٌ لبيع غير المسلمين والسياح.
و الافتراض يقوم أن ما يُصنع من كميات خمورٍ وتذهب إلى السوق الأردني، فإنها تستهدف تلك الشرائح.
و لكن، تابعنا في الأخبار وتحديدًا في قضية الزرقاء ومصنع كحول الفحيص، كمية الاستهلاك الأردني الهائلة من الكحول.
وأيضًا، أعداد المستهلكين ومتناولي الخمور. و حينما، يُصدر قرارٌ لإغلاق الخمارات في رمضان والمناسبات الدينية، فإن شاربي الخمر من يقعون في محنةٍ وحرجٍ وشدةٍ، ويبحثون عن أماكن بيعٍ بديلةٍ وغير قانونية. يبدو أنه لغزٌ أردنيٌّ محيّر. والموضوع فيه غرابةٌ وانفصامٌ اجتماعيٌّ.
في المجتمع الأردني، هناك طبقة تعترف وتجاهر في شرب الخمر، ودون مواربةٍ.
مجزرة الزرقاء فتحت الأبواب لأسئلةٍ اجتماعيةٍ ودينيةٍ حرجةٍ وعالقةٍ كثيرةٍ.
و أسئلةٌ أخرى عن عالم صناعةٍ وإنتاجٍ الخمور في الأردن، والترويج والاستهلاك، وكيف وقعت المجزرة الأخيرة، والتي ما زالت تفاعلاتها وتداعياتها ممتدةً. و هنا، لا أكتب هذه السطور، ولست لا محللًا ولا محرِّمًا للخمر. وإنما مجزرة الزرقاء فتحت شهيتي لأفكر في الموضوع من زوايا بعيدةٍ دينيًّا واجتماعيًّا وقانونيًّا.
و إذا ما أردنا أن نكون صريحين ونتكلم على المكشوف في موضوع الخمر، ولمن تُباع ومن يشربها في الأردن، أظن أن حزمة تشريعاتٍ حكوميةٍ بحاجة إلى مراجعةٍ وتعديلٍ. و تجسير الانفصام والانفصال بين ما يقول القانون والأوامر الإدارية، وما بين الواقع وما يُمارس في الشأن العام الأردني. و في الختام، نتمنى الرحمة والمغفرة لضحايا الكحول الفاسدة والمغشوشة، والشفاء العاجل للمصابين.