( خوض حروب كبيرة ومتعددة من أسباب تراجع أو انهيار دول عبر عصور التاريخ )*د. محمد نايف زريقات
الراي
إن التطورات التي حدثت وتحدث في العالم عبر عصور التاريخ، من صراعات إقليمية وصراعات دولية لبسط النفوذ واخضاع مناطق، ومن حروب قامت بها دول كبيرة أو كبرى على دول وشعوب ضعيفة، وحروب غير متكافئة كحروب العصابات أدت جميع هذه الحروب إلى استنزاف طاقات وموارد وجيوش بعض تلك الدول الكبيرة أو الكبرى، إذ استمرت هذه الحروب العالمية والاقليمية والحروب غير المتكافئة حروب العصابات عدة سنوات ومنها استمرت عقدين أو اكثر من الزمن .
حيث وقعت بعض دول كبيرة أو كبرى في وحل هذه الحروب، كله من أجل بسط النفوذ والسيطرة، وقد تورطت بعض هذه الدول الكبيرة وبعض دول كبرى في هذه الحروب المتعددة والمتنوعة ومنها غير المتكافئة حروب العصابات، وفي حروب أخرى بالوكالة، وانشغلت وبددت جزءا من مواردها، لم تؤد إلى تحقيق مكاسب ولا انتصارات، وأدت هذه الحروب إلى تراجعها، واتاحة الفرص لبعض الدول الكبيرة والعادية الأخرى للنهوض والتقدم الاقتصادي والتكنولوجي والتسلح العسكري، نتيجة لمواقف بعض الدول بالتهدئة وتحليها بسياسات التروي وموقف الحياد، وموقف المتفرج، بعيدا عن التدخل في أي صراعات حدثت هنا وهناك، وتفرغت بعض هذه الدول لبناء وتطوير اقتصادها وأصبحت منها كبيرة وكبرى تتنافس على التربع في صدارة الدول الكبرى في قيادة العالم، لا بل اتسعت دائرة استثماراتها الضخمة والكبيرة في قارات العالم، خاصة في قارة افريقيا وقارة امريكيا اللاتينية وفي قارة اسيا ومناطق أخرى في العالم .
وإن هذا التقدم الاقتصادي الكبير الذي حققته بعض الدول خاصة التقدم والتطور الصناعي والتكنولوجي الإلكتروني والعسكري الملفت للإنتباه وللنظر لهذا الصعود السريع والمفاجئ والضخم والكبير لنهوض بعض هذه الدول وتقدمها، فهي من المقومات والعناصر الرئيسة للقوة التي جعلت وتجعل بعض هذه دول في مرحلة التنافس في الاستثمارات المتنوعة في العالم .
وإن تدخل ودخول دول في حروب متعددة الأشكال تؤدي إلى انشغالها وعدم تفرغها للاهتمام بتطور قطاعاتها الاقتصادية المتعددة بالدرجة الكافية، التي تؤدي إلى خلل في ترتيب الاولويات، واستنزاف جزء من مواردها في صراعات وحروب طويلة لا تحقق لها أهداف إيجابية بل عكسية بلا جدوى منها، تؤدي إلى تأخير عجلة التطوير والتقدم فيها .
وإن التقدم الاقتصادي أصبح اهم عناصر تقدم الدول والأمم، ومن اهم عناصر القوة لنهوض الدول وتقدمها .
وإن تدخلات دول هنا وهناك ومحاولاتها التدخل المباشر وغير المباشر في حروب وصراعات تعتبر هي من الأسباب الرئيسة لتراجع هذه الدول، او انهيارها عبر التاريخ .
وإن الإستئساد والاستقواء والتنمر والهيمنة والتمدد المبالغ فيه عبر عصور التاريخ والذي فيه اندفاع زائد وتهور احيانا لبعض القوى العالمية أو الإقليمية يحمل في طياته التراجع والفشل والنكوص إلى الوراء والخسارة، لأنه لا قوي ولا دائما إلا الله، والغطرسة المبالغة فيها تؤدي إلى النفور ورفضها حتى من الدول والقوى الصديقة وحتى من الحلفاء، وتؤدي إلى تكتلات وتحالفات جديدة متزنة تراعي مصالح هذه الدول المتحالفة جميعها، رافضة الاستقواء والهيمنة وإلغاء دور الآخرين.
فعلى الدول خاصة الكبيرة والكبرى والمتقدمة أن تأخذ العبر المستفادة من التاريخ ان التمدد والغطرسة والغرور والاندفاع الكبير، والاستقواء والتنمر والاستئساد، والتفرد، وإلغاء دور الآخرين، سياسات واستراتيجيات تحمل في طياتها اسافين وخسارات ومخاطر تهدد كيانها وتقدمها نتيجة لردات فعل، وينقلب السحر على الساحر .
فلتستفيد الدول الكبرى والكبيرة والدول العادية بأخذ العبر والدروس المستفادة من احداث ووقائع التاريخ بدلا من الحروب المدمرة والمهددة للإستقرار والأمن في العالم، بالتوجه إلى استخدام الحوار والتعاون والشراكات الاقتصادية المتوازنة، لتحقيق السلام والمحبة والرفاه لشعوب ودول العالم جميعا .