عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jul-2025

من مصعد منزلي إلى التعميم الأمني| د. هيفاء ابوغزالة
عمون
 
د. هيفاء ابوغزالة
 
* كيف تحوّل قرار بسيط إلى أزمة على مستوى الدولة؟
 
لم أكن أتخيل يومًا أن قرارًا بسيطًا مثل تركيب مصعد داخل منزلي سيتحوّل إلى قضية أمنية، وأن اسمي سيوضع على قوائم المطلوبين، ويُعمَّم عليّ على مداخل الأردن، وكأنني ارتكبت جريمة!
 
كل ما في الأمر أنني أردت تركيب مصعد داخلي في بيتي، لتسهيل حركة افراد العائلة . بدا الأمر بديهيًا، ولم يخطر في بالي أنني بحاجة إلى إذن من جهة رسمية، طالما أن التعديل داخل حدود ملكيتي الخاصة وهذا ما أكده لي المهندسين. .
لكن الصدمة كانت كبيرة وسريعة.
المفاجأة: سيارات الأمانة تُحاصر بيتي! حاولت فيها محادثة كافة مستويات الامانه بدون فائدة حتى انني كنت أشعر بالخجل من جيراني الذين أبدوا استغرابهم لما حدث ولوقوف سيارات الامانة أمام بيتي لعدة أشهر .
 
ففي صباح يوم عادي، فوجئت بعدد من سيارات أمانة عمّان الكبرى تحيط بالبيت. نزل موظفون، وأوقفوا العمل على الفور، وسألوني:
“هل لديك إذن من الأمانة؟”
 
استغربت السؤال، وقلت لهم: “هذا داخل بيتي، لم أمدد للخارج، ولم أُخِل بشيء”.
فجاءني الرد الصادم:
 
“حتى لو أردتَ تركيب مسمار في البيت، يجب أن تأخذي إذننا .”!
 
لم أجادل. احترمت النظام، وانصعت للإجراءات، رغم أنني كنت مقتنعًة أن ما فعلته لا يخرج عن حدود التصرفات الطبيعية داخل منزلي. لكني بدأت فورًا بالسير في إجراءات طلب الترخيص.والتي أخذت معي عدة أشهر اضطررت فيها أن أكلم جميع المسؤولين ، .
فُرضت عليّ مخالفة رسمية. ذهبت للمحامٍ وسألته:
“ما الذي عليّ فعله الآن؟”
 
قال لي: “ننتظر تحديد المبلغ من الأمانة، حتى تدفع ويتم نسوية وضعك.”
 
وبين المراجعات والمخاطبات، اضطررت للسفر إلى الخارج للالتحاق بعملي، مطمئنًة أن الأمور تسير في طريق الحل القانوني.
 
والصدمة الكبرى كانت. ؛التعميم الأمني
بعد فترة، قررت العودة إلى الأردن لحضور مؤتمر كلفت فيه . لكن قبل السفر بيوم، تلقيت مكالمة هاتفية من شرطة العاصمة. الصوت كان واضحًا:
 
“نبلغك رسميًا بأنه قد تم التعميم عليك. هذا يعني أنه سيتم القبض عليك عند دخولك أو خروجك من البلاد.” وكان هذا يوم سفري الى بلدي بإجازة نهاية الاسبوع لحضور مؤتمر يعقد بعمان .
 
لم أصدق. ظننت أن هناك خطأ. كيف يتحول موضوع مصعد إلى قضية أمنية؟
اتصلت فورًا بـ السفير الأردني في مصر معالي أمجد العضايلة، الذي كان متعاونًا جدًا ومتفهمًا للموقف. أجرى اتصالًا مباشرًا مع عطوفة المحافظ الذي أشكره على موقفه الرجولي ،ثم عاد السفير وأكد لي:
 
“الخبر صحيح. تم التعميم عليك فعلًا. أنصحك بعدم السفر إلى أن يتم إلغاء التعميم رسميًا.”
 
توقفت للحظة وراجعت كل ما حدث.
هل يعقل أن إجراءً بسيطًا داخل منزلي، دون قصد أو نية مخالفة، يقودني إلى وضع اسمي بين قوائم الأشخاص المطلوب القبض عليهم !
هل أصبح تركيب مصعد مسألة تستدعي تدخل الشرطة، والسفارة، والمحافظة، وكل هذا الحجم من البيروقراطية؟
 
أنا لست ضد النظام ولا القانون، لاني تربيت عليها ، بل على العكس، احترمت التعليمات وانصعت لها منذ اللحظة الأولى. لكن السؤال:
أين المنطق في التعميم الأمني قبل استنفاد الإجراءات المدنية؟
أين المرونة في التفريق بين التعدي الحقيقي والإجراء البسيط القابل للتسوية؟
 
قصتي ليست دعوة للفوضى، بل دعوة للمراجعة.
 
فما حدث لي يمكن أن يحدث لأي مواطن، وقد يُعاقب فقط لأنه لم يعرف أن “تركيب مصعد” داخل بيته قد يتطلب ترخيصًا ومراجعة أمانة ومحامٍ واحتمال التعميم الأمني والسكوت عن إحاطة البيت بسيارات الامانه التي من الواضح انها ماشاءالله كثيرة. .
قصة المصعد أصبحت مشهورة لكل من يعرفني حتى أن أحد وزراء الشباب العرب الذي زارني قبل اسبوع بالبيت طلب مني الاطلاع على المصعد المشهور .
 
شكرا لكل من إهتم وساعد .