عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Nov-2025

هل المجاعة في السودان ستجلب التقسيم والتدخل الدولي؟* حمزة عليان

الجريدة - 

 
ما يحصل في السودان تجويع، وليس مجاعة، هو أقرب إلى أن يكون «صناعة أزمة». ربما كانت تغريدة بيل كلينتون كاشفة للحقيقة، بأن ما يحصل في «الفاشر» ليس حرباً، بل إرهاب.
 
المجاعة تفشَّت في أكثر من 5 مناطق أدَّت إلى أن يتحوَّل 24 مليون شخص لحالة من انعدام الأمن الغذائي... وهذا واقع، لكنه قد يُخفي أمراً أكثر خطورة، وهو عملية مدبَّرة لاستدرار العواطف من شأنها تبرير تدخُّل دولي.
 
المُراقبون المُحايدون يطرحون السؤال التالي: لماذا تُرفع الآن وتيرة المجازر والإبادة، رغم أن الحرب مضى عليها أكثر من سنتين ونصف السنة، ورغم أن الفاشر مُحاصرة منذ سنتين؟
 
لاحظوا التشابه بين حرب غزة والحرب في السودان من حيث هول الضحايا والمجاعات الفظيعة، وكيف انتهت إلى تدخُّل دولي تحت غطاء إنساني!
 
تجاوزت الحالة في السودان حدود مجلس الأمن، فقبل 9 أشهر استعمل الروس «الفيتو» ضد مشروع القرار البريطاني الذي يدعو للتدخل بدواعٍ إنسانية، ماذا يعني هذا؟
 
هل نرى سيناريو آخر من شأنه تكرار تجربة العراق وإسقاط النظام هناك عام 2003، بحجة وجود أسلحة نووية انتهى إلى تدخل دولي جلب الفوضى والتقسيم والمحاصصات الطائفية والعرقية.
 
أكثر من 70 ألف قتيل حتى الآن ضحايا الحرب في السودان، و11 مليون شخص مهجَّر، منهم قِسم يعيش في المخيمات، والآخر خارج البلاد، توزعوا على دول الجوار. أرقام مخيفة من «حرب صامتة» لا أحد يشير إلى مَنْ يقف وراءها ويغذيها.
 
نخاف على السودان من التقسيم، لوجود «حكومتين وشرعيتين» تتصارعان من دون حلٍ سياسي، إضافة إلى الأصوات الدولية الداعية للتدخل، توحي بأن هذا البلد العربي ذاهب إلى التفتيت، وأنه لا خلاص له من دوامة العنف سوى توزيع الولايات على المتحاربين، وترسيخ التقسيم، بعدما تم فصل الجنوب عنه.
 
إذا نظرنا إلى الوجه الآخر للحرب، هل المُستهدف دول إقليمية كبرى جارة للسودان، فيما يشبه استدراجها، وهي التي تشكِّل ركائز الأمن القومي العربي؟
 
لقد تم إسقاط العراق عام 2003، وهو البوابة الشرقية لحاضنة العرب، واليوم قد يتكرَّر سيناريو مُشابه، ليتم إسقاط البوابة الجنوبية للأمن القومي العربي، هذا إن كُنَّا نؤمن بوجودها؟
 
إذا نجحت «البروفة»، فسنكون أمام واقعٍ مرير، حالة من التقسيم ستعم باقي الدول العربية، وقد نصل إلى يومٍ نردِّد فيه: «أُكلتُ يوم أُكل السودان».
 
انظروا إلى ما وصلت إليه الحالة في اليمن وسورية وليبيا، أليس ما نشهده هو الدخول في عصر الدويلات الطائفية والقبلية والعرقية، وكل مجموعة تستقوي بالخارج، الذي يقتات على تفتيت الحالة العربية من دول وأقاليم مستقرة إلى دويلات هشة؟