عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Jul-2025

«الخطة العظيمة».. تشكيل جديد انطلاقًا من «غزة»*لما جمال العبسه

 الغد

في وقت تتكاثف فيه غيوم الحرب فوق قطاع غزة، يفرج رئيس وزراء الكيان الصهيوني الفاشي بنيامين نتنياهو عن تفاصيل «الخطة العظيمة» من خلال الاعلام على اساس انه تقرير أعده احد ابواقه الاعلامية، وهذا يتزامن مع ابدائه وان كذب مرونة في التفاوض للتوصل لصفقة تنهي الحرب في القطاع، هذا التقرير الاعلامي كشف تفاصيل اليوم التالي للحرب النازية على القطاع منذ ما يقترب من العامين، بمعنى ان تنفيذها يرتكز في الاساس على انهاء المقتلة الدائرة هناك.
 
اراد الفاشي نتنياهو ان يعرض خطة اليوم التالي ليس كاستراتيجية لانهاء الحرب العدوانية على القطاع، بل كمعادلة جديدة يعيد من خلالها تشكيل منطقة الشرق الاوسط لتكون نقطة الوصل بين الشرق والغرب، فمن مبادرة غامضة تحت ستار اليوم التالي للحرب الى مشروع رسمي يُدار من اعلى سلطة في واشنطن، لتصبح نقطة تحول ليس فقط فيما عُرف ظلما  بالصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، بل في تموضع القوى الإقليمية والعالمية،  وخطوة نتنياهو في الاعلان عنها بشكل غير مباشر يكشف عن سباق سياسي يتجاوز «غزة».
 
في زوايا البيت الأبيض حيث تُنسج التحالفات بعيدا عن عدسات الإعلام، تبلور هذا المشروع الذي وصف بالأضخم منذ نهاية الحرب الباردة، فهو خطة عملاقة صاغتها امريكا ودولة الكيان بهدف إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي عبر ربط الشرق بالغرب، وتجاوز الهيمنة الصينية المتجسدة في مبادرة «الحزام والطريق»،  وهي تدار بسرّية تامة بين واشنطن ونيودلهي وتل أبيب، وتتطلب شرطا واحدا للانطلاق وهو الحسم العسكري في «غزة» لصالح الكيان الصهيوني، وهذا الامر ليس مطلبا أمنيا، بل مفتاحا استثماريا لتحويل دولة الكيان الصهيوني إلى محور تجاري–طاقوي بين الشرق والغرب.
 
وهنا لابد ان نعطي فكرة عن هذا المشروع الخطير، فهو عبارة عن ممر تجاري عالمي يربط الهند والشرق الأقصى بأوروبا  وامريكا عبر الشرق الأوسط، لتكون دولة الكيان الصهيوني نقطة الوصل الأساسية، وهو بديل استراتيجي لمبادرة الصين، ويتطلب تنفيذها انهاء الحرب في القطاع، على ان يتم نفي قيادات المقاومة، وتهميش دور السلطة الفلسطينية ليدار القطاع عربيا، واطلاق مشروع إعادة إعمار القطاع بشكل موسّع، وبتمويل دولي، مع ضرورة ان تعترف واشنطن بسيادة إسرائيل على أجزاء من الضفة الغربية، مع اشارات غير واضحة بشأن حل الدولتين.
 
اذا ما قمنا بتحليل نقدي لهذه الخطة نجد انها تبدو كنسخة اقتصادية–دبلوماسية من صفقة القرن، تعيد تعريف القضية الفلسطينية بوصفها أزمة تنموية لا سياسية، كما انها تسهم في اخراج الفاشي نتنياهو بصورة المنتصر وتخلصه من أزماته الداخلية، الا انها تعكس تجاهل أصوات الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، مما يعمّق الهوة ويعيد إنتاج الإقصاء السياسي بأساليب ناعمة، كل ما سبق يأتي على افتراض ان الفلسطيني في القطاع والضفة استسلم وسلم ونسي عقودا من النضال والكفاح لاجل قضيته الاشرف في التاريخ.
 
«الخطة العظيمة» ليست مجرد وثيقة سياسية، بل هي مرآة تعكس تشابك المصالح الشخصية والإقليمية والدولية، وتعيد توزيع أوراق القوة والنفوذ،  وبين طموح الرجلين ترامب ونتنياهو تخرج طريقة جديدة لتكريس رؤيتهما للعالم من جديد، تُسحب القضية الفلسطينية منه تدريجيا من مساحتها التاريخية والسياسية، لتُعاد صياغتها بمنطق الصفقات والاستثمار والهجرة الطوعية.
 
لكن في المقابل هناك اسئلة وجودية ان صح التعبير تتمحور في من يملك حق إعادة تعريف فلسطين؟ وأين صوت الفلسطينيين في خريطة تُرسم بعيدا عنهم؟ وهل القضية الفلسطينية أعيد تعريفها لتصبح عائقا جغرافيا ينبغي تجاوزه لا كقضية تحرر؟