عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Nov-2025

أيهما أصعب؟*يعقوب ناصر الدين

 الغد

لا شك أن أزمتنا الحقيقية تكمن في وضعنا الاقتصادي الراهن، وأن اقتصادنا الوطني يواجه جملة من المصاعب والتعقيدات الناجمة عن اختلالات في منظومة الاستثمارات المحلية والأجنبية، رغم الجهود المبذولة لمعالجتها، سواء من خلال الرؤية الاقتصادية أو المساعي الرامية إلى جذب الاستثمارات الكبرى عن طريق الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لدى الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية، وأقربها تلك الجولة التي شملت اليابان وفيتنام وسنغافورة وإندونيسيا والباكستان، وجميعها تعتبر من القوى الصاعدة في الاقتصاد العالمي، ذلك إلى جانب مشروعات التصحيح والتطوير والتحديث المعتادة التي تقوم بها الحكومة بهدف المحافظة على نسق يضمن عدم التراجع إلى الخلف من ناحية، ومنح الحيوية الاقتصادية دفعة إلى الأمام من ناحية أخرى.
 
 
 لا يمكن لنا أن نغفل العوامل الأكثر تأثيراً على واقعنا الاقتصادي، وهي في معظمها تتعلق بالوضع الإقليمي وأزماته المتعددة والمستمرة بكل انعكاساتها السلبية المباشرة وغير المباشرة على الأردن، وإلا كيف يكون قطاع السياحة على هذا الحال المقلق لولا الحرب التي شهدتها المنطقة منذ الحرب المدمرة على غزة وتفرعاتها التي شملت أرجاء الإقليم، ولم نكن قد خرجنا بعد من أزمة كورونا التي عطلت قطاعات بأكملها، وماذا عن الارتباكات التي أصابت النقل الجوي والبري وأجور النقل وتأميناتِه؟ فقد تحمل اقتصادنا الوطني من تبعات ذلك ما هو أخطر وأصعب بكثير مما تتحمله دول بعيدة عن واقع من هذا النوع.
الأزمة الحقيقية التي تعكس طبيعتها وأخطارها ونتائجها علينا هي الأزمة السياسية الإقليمية إذا جاز التعبير، أو الأزمة الاستراتيجية التي أصبحت تهدد الدول بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبنيوية.
 فقد اعتبرت بعض كيانات ودول المنطقة الصدامات العسكرية التي خاضتها معركة حياة أو موت، الأمر الذي يجعل مستقبلها ومستقبل المنطقة مجهولاً إلى حد بعيد.
 ووسط هذه المنظومة الصعبة من الاحتمالات يقف الأردن على خطوط التماس من معظمها لكي يحمي نفسه أولاً ويحافظ على قوته وثباته، ويبادر ثانياً إلى البحث عن مخرج من تلك الأزمات متمسكاً بالشرعية والقوانين الدولية، وباذلاً كل ما يستطيع لمساعدة الضحايا الذين تدمر عنجهية القوة حياتهم ومستقبل أجيالهم.
التعامل مع تلك الأزمات هو الأصعب، وهنا تظهر قوة بلد مثل الأردن يقوده قائد استراتيجي يوظف حكمته وشجاعته وقوة تأثيره من أجل وضع حد للظلم والجور والعدوان، والدفاع عن حقوق شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار والتعاون والعيش الكريم، وحل الأزمات عن طريق التفاوض السلمي وفق مبادئ الحق والعدل.
 فأي مهمة صعبة تلك التي تولاها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وما يزال من أجل تحصين الأردن في مواجهة كل تلك المخاطر والتحديات، وأي صعوبات تغلب عليها في سبيل إطفاء لهيب حرب كادت أن تأكل الأخضر واليابس وتسد آفاق السلام إلى أمد غير معلوم؟!
تلك ثنائية متصلة يعمل جلالة الملك على توظيفها من منطلق أن الاستقرار والأمن الإقليمي من خلال المبادرات السياسية بنتائجها الإيجابية من شأنها أن تنعكس بهذه الصفة على اقتصاد الأردن واقتصاديات دول المنطقة، وعلى الاقتصاد العالمي بمجمله.
 فتلك المسؤولية هي الأصعب وهي بالطبع تفرض علينا جميعاً، سياسيين واقتصاديين أفراداً ومؤسسات، أن نسخر جميع قدراتنا لفهم المعادلة على حقيقتها، وإدراك التوازنات المرتبطة بها، وإطلاق المبادرات التي تدعم حيوية القطاعات جميعها، والسير تبعاً لخريطة الطريق التي رسمها قائدنا بمعالمها الواضحة لكل من يرى ببصره وبصيرته.