عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jul-2025

ترجمة الإستراتيجيات إلى فعل*مالك العثامنة

 الغد

كان مقال الأستاذ نضال المجالي المنشور يوم السبت الماضي في "الغد" لافتا على مستويين: مستوى الصياغة الجميلة البسيطة والمشوقة الرشيقة، ومستوى الموضوع المعقد والمركب والذي يطرح مسألة لا يكفيها مقال، لكنه أوجز فيها القضية المزمنة في قطاع النقل في الأردن، على مستوياته الثلاث : برا وبحرا وجوا. وقد وصفها بالكابوس الثلاثي، كما استهل مقاله بتنويه أيضا لافت كان نصه (رسالة لمن اجتمعوا في ورشة الديوان).
 
 
وأتفق مع الأستاذ نضال بأن الوجع في قطاع النقل يومي، ويتشارك في هذا الوجع كل الأردنيين، وهو – كما قال- يتجاوز الورش والإستراتيجيات التي لم تترجم حتى الآن على الأرض.
 
مع تفهمي الكامل لما أورده الأستاذ نضال في مقاله الرشيق والمعبر، فإن ما يجري اليوم داخل المؤسسات الحكومية يبدو مختلفا نسبيا، ليس من حيث الطرح، بل من حيث التنظيم وطريقة العمل.
الورشة التي أقيمت مؤخرًا في الديوان الملكي لم تكن مجرد حلقة نقاش عابرة، بل تم تنظيمها بطريقة تضع كل وزير في موقع المسؤول التنفيذي عن إدارتها، لا الاكتفاء بتمثيل وزارته بروتوكوليا.
هذه المقاربة جعلت من كل ورشة منصة إنتاج، وتحولت النقاشات إلى مدخل لتكليفات واضحة قابلة للتحول إلى تكليفات محددة بعد ذلك.
الجديد أيضا أن مخرجات تلك الورش لن تُترك لتُركن على الرف، بل تم تشكيل فرق عمل فنية يشرف عليها رئيس الوزراء وطواقم تنفيذية في رئاسة الوزراء، تتابع ما تم طرحه وتحوله إلى خطوات قابلة للتنفيذ ضمن جداول زمنية ومسؤوليات محددة. وهذا، بحد ذاته، ليس مألوفا في الأداء الحكومي المعتاد.
في قطاع النقل، تتضح ملامح هذا التحول عبر مشاريع سكك الحديد (وهي في سياق مشاريع إقليمية ضخمة وتكاملية)، وتوسعة منظومة النقل العام، وتحسين شبكات الطرق، وكلها بدأت تأخذ طابعا تنفيذيا وعمليا ملموسا بعد سنوات من التوقف أو التردد، وفي العاصمة تحديدًا، ثمة وعي متزايد بأن الأزمة لم تعد محصورة بالازدحام، بل تشمل التخطيط الحضري، وتوزيع المراكز السكانية، وفوضى التوسع العمراني، مما يعني تضافرا مطلوبا بحجم جبار بين مختلف مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية، وهذا يعني عملا جادا بروح فريق واحد لا تشتيت المسؤوليات ورميها على الآخرين.
ومع أن الطريق ما زال طويلا، إلا أن الفارق الجوهري اليوم هو وجود بنية تفكير جديدة، لا تكتفي بالتشخيص، بل تحاول أن تنفذ وبسرعة ممنهجة ومدروسة، وهذا لا يعني أن الأزمة في طريقها إلى الحل الكامل، لكنه يعني أن باب الحلول قد فُتح أخيرا، وينبغي ألا يُغلق مجددًا، وعلينا أن نتابع ليظل مفتوحا على العمل الجاد بعد أعوام من الثرثرة بلا جدوى.