الغد
جدد مسؤولون عراقيون تحذيرهم من خطورة استمرار الأوضاع في مخيم «الهول» في الجانب السوري، معتبرين أن هذا المخيم يمثّل «قنبلة موقوتة» تهدد الأمن الدولي والإقليمي وأمن العراق أيضاً، وفيما أشاروا إلى نجاح العراق في إعادة جزء كبير من رعاياه إلى البلاد، أكدوا أنه لا يزال نحو 4 آلاف يقطنون المخيم.
وقال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، كريم النوري للمحطّة الحكومية، إن «مخيم الهول الواقع شمال شرق سوريا يشكل بؤرة خطيرة لاستثمار عصابات داعش الإرهابية وتنمية الفكر المتطرف، مما يجعله قنبلة موقوتة تهدد أمن المنطقة والعراق»، مبيّناً أن «بقاء هؤلاء في منطقة معزولة يجعلهم أرضاً خصبة لغسيل الدماغ، لذا كانت خطوة الحكومة العراقية شجاعة وتعبر عن موقف وطني وإنساني بإعادة مواطنيها للبلاد ممن ليس عليهم مؤشرات أمنية».
وأضاف أن «يوم أمس (الأول) شهد وصول الوجبة 31 من النازحين العراقيين، والتي ضمّت قرابة 240 عائلة، أي ما يقارب 865 فرداً»، لافتاً إلى أن «إجمالي من تمت استعادتهم بلغ أكثر من 20 ألف شخص، وأن العدد المتبقي للعراقيين داخل المخيم هو أقل من 4000 شخص، وهو رقم قليل مقارنة بالأعداد السابقة».
وأوضح أن «عملية العودة لا تعني انتهاء الملف، بل هي بداية لإجراءات مستمرة ومتابعة دقيقة في (مركز الجدعة) للتأهيل المجتمعي»، مشدداً على ضرورة «مواجهة الفكر الداعشي المتطرف بفكر الاعتدال، من خلال برامج تأهيلية تستهدف النساء والأطفال، وبمشاركة أكثر من 13 منظمة دولية وجهات أمنية ووزارة الصحة ومستشارية الأمن القومي».
وأكد: «لم نسجل أي خرق أمني في المناطق التي عاد إليها هؤلاء النازحون في الأنبار وصلاح الدين والموصل، وهناك تنسيق عالٍ وترحيب عشائري لتهيئة الأجواء لدمجهم، حيث يتم توزيعهم على مناطقهم الأصلية لتجنب الصدمة النفسية».
وأفاد أيضاً بأن «الخطوة العراقية حفّزت الدول الأوروبية التي كانت مترددة في السابق، حيث بدأت الآن بسحب رعاياها بعد شعورها بأن بقاءهم يشكل خطراً عليها أيضاً»، داعياً المجتمع الدولي إلى «تقديم الدعم المالي والتقني للعراق لإنهاء هذا الملف الذي يهدد العالم بأسره».
يتزامن ذلك مع تأكيد ممثل العراق لدى الأمم المتحدة لقمان الفيلي، أن استمرار الوضع في مخيم الهول على حاله يهدد الأمن الدولي.
وقال في كلمة له في اجتماع مجلس الأمن الأخير، إنه «في سياق الأمن الإقليمي والدولي، يواصل العراق أداء دور استثنائي في مكافحة الإرهاب، إذ ما يزال يتعامل بمسؤولية وإنسانية مع ملف سكان مخيم الهول الذي يعدّ من أخطر التحديات الأمنية العابرة للحدود. وقد تمكن العراق من استعادة الآلاف من مواطنيه وإعادة دمجهم تدريجياً وفق برنامج تأهيل اجتماعي ونفسي ورقابة مجتمعية».
وشدد على أن «العراق يؤكد ما أوصى به المؤتمر الدولي لإنهاء مخيم الهول في سوريا، الذي عُقد بالتعاون بين الحكومة العراقية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في نيويورك في 26 أيلول/ سبتمبر 2025، بخصوص دعوة الدول المعنية كافة إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية واسترداد رعاياها من المخيم، نظراً لما يشكله استمرار هذا الوضع من تهديد خطير للأمن الدولي ومن مخاطر استغلال الأطفال والنساء من قبل التنظيمات الإرهابية».
في حين، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، في إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: «لقد أظهر العراق قيادة جديرة بالثناء في إطلاق جهد منسق في وقت مبكر من هذا العام لتسريع إعادة مواطنيه من شمال شرق سوريا. وحتى تاريخه، عاد حوالي 20800 شخص إلى العراق، ولا يعتبر ذلك إنجازاً بسيطاً بأي مقياس».
وأوضح إنه «مع استمرار العودة، التي كان أحدثها بالأمس، يبقى من الضروري توجيه الموارد الكافية لضمان إعادة إدماج كريمة ومستدامة، بما في ذلك الوصول الموثوق إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش والدعم على مستوى المجتمع المحلي. وبعد أن التقيت بالعراقيين النازحين وسمعت معاناتهم بنفسي، أشعر بالارتياح لالتزام الحكومة المستمر- الذي تم التأكيد عليه خلال المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن إعادة الأشخاص من مخيم الهول والذي عقد في نيويورك في أيلول/ سبتمبر الماضي- بإكمال عودة جميع العراقيين من شمال شرق سوريا بحلول نهاية هذا العام».
وأضاف: «لقد تغلّب العراق بالتأكيد على صراعات متتالية في طريق شاق نحو الاستقرار، لكن ومع ذلك، فإن الآثار الدائمة للصراع أدت إلى ظهور احتياجات إنسانية ملحة ومستمرة، حيث لا يزال هناك ما يقرب من مليون نازح عراقي، وهو رقم كبير، لا تزال عودتهم الطوعية الكاملة وإعادة إدماجهم تتعرض لتحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية وإدارية.
ومن بين هؤلاء النازحين أكثر من 100.000 أغلبهم من الإيزيديين من سنجار، لا يزالون، بعد 11 عاماً، يعيشون في مخيمات النزوح في ظروف صعبة. إنهم ناجون عانوا معاناة لا توصف على يد تنظيم داعش».
وأشار المسؤول الأممي إلى أن «مغادرة معسكرات النزوح قد تباطأت بشكل كبير في عام 2025، حيث تحتاج هذه المجتمعات إلى تدخلات مستهدفة تربط بين الدعم الإنساني وبرامج التنمية طويلة الأمد تشمل السكن وسبل العيش والحماية الاجتماعية والمصالحة المجتمعية. ولذلك أجدد دعوتي لاعتماد خطة وطنية شاملة لضمان تنفيذ الحلول الدائمة».-(وكالات)