عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2025

رغم النشاط العسكري المكثف يبقى الهدوء سائدا بالضفة

 الغد

 
يديعوت أحرونوت
 
بقلم: اليشع بن كيمون
 
لقد أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء الماضي، أنه لم يعد هناك أي (مقاومين) فارين في الضفة الغربية ممن نفذوا هجمات. جاء ذلك بعد اغتيال آخر المدرجين في القائمة. لكن الجيش الإسرائيلي لا يكتفي بما حققه: فقد أطلق، أول من أمس، عملية أطلق عليها اسم "الحجارة الخمسة" في منطقة شمال الضفة، وبالأخص في القرى الخمس، بما فيها طمون وطوباس.
 
 
وفي إطار هذه العملية، التي لا تعرف مدتها بعد، فرضت قوات من ألوية الضفة وأفرايم والكوماندوز حصارا على القرى، وبدأت بإجراء عمليات تفتيش استخباراتية للعثور على أسلحة ومعدات عسكرية إضافية. وفي الوقت نفسه، ستبدأ القوات، برفقة جهاز الأمن العام (الشاباك)، باستجواب واحتجاز واعتقال مطلوبين. ويظهر التاريخ الموجز أن إطلاق العملية (التي أبقيت سرية) تضمن أيضا تدريبات تكتيكية أعدتها القوات للمطلوبين. أول من أمس، عثر على غرفة عمليات تصوير، وصودرت أموال لفلسطينيين.
ووفقا لمصادر أمنية، فقد تغير الواقع في الضفة الغربية. إذا نظرت إلى منظور الأعوام 2021-2023 مقارنة بالعامين 2024-2025، ستدرك أن التغيير الذي حدث مهم. فحقيقة أن المقاتلين اليوم ينطلقون للركض في قلب مخيم جنين للاجئين تحكي كل شيء.
في السنوات التي سبقت حرب السيوف الحديدية، تجنبت قيادة المنطقة الوسطى القيام بنشاط عدواني مفرط في الضفة الغربية، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى توحيد الساحات. كان الخوف هو أن تؤدي التصفية في جنين إلى إطلاق صواريخ على النقب أو المستوطنات المركزية؛ وأن الانخراط في نشاط مطول في قلب إحدى القرى سيؤدي إلى هجمات من الشمال أيضا؛ أو حتى إلى تورط عرب إسرائيل، كما رأينا في فيلم "حارس الأسوار". فقد تم ردع الجيش الاسرائيلي. كانت النتيجة ظهور بنية تحتية للمقاومة تعرف باسم "عرين الأسود"، والتي عملت في نابلس وأنشأت نموذج "الكتيبة" الذي نسخ لاحقا في أماكن أخرى (وما يزال ينسخ)، وأدى لاحقا إلى سلسلة من الهجمات العنيفة، ثم إلى عملية "بيت فجان" التي نفذتها قيادة المنطقة الوسطى في شمال الضقة. وصفت العملية آنذاك بأنها بالغة الأهمية، ولكن عند النظر إليها اليوم، يتضح أنها كانت عملية محدودة للغاية.
أوضحت مصادر أمنية أن "مستوى الردع في الضفة الغربية يشهد اليوم ارتفاعا ملحوظا. فمنذ الحرب، يدركون أن إسرائيل والجيش الاسرائيلي غيّرا نظرتهما للتهديدات. على سبيل المثال، لو كانت هناك معلومات استخباراتية في الماضي لإحباط مخطط لشخص ما، وكنا نفكر مرتين أو ثلاث مرات فيما يمكن أن يفعله في ساحات أخرى، وكم من الموافقات العليا ستتطلب، وخاصة مقدار التصريح الأمني المطلوب، فإن كل شيء اليوم أصبح أكثر سلاسة وسهولة وسرعة. عدد أقل من الأفراد وموافقات أقل. ويرجع ذلك إلى اتساع منطقة العمليات اليوم"، كما أوضح مصدر في قيادة المنطقة الوسطى. "يستطيع المقاتلون الوصول إلى كل شبر من الضفة الغربية. لم يكن هذا يحدث في الماضي". في الواقع، لم يحدث هذا منذ العام 1967.
سلوك الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية محير، ويتناقض مع تقديرات العديد من مسؤولي الأمن الذين اعتقدوا أن قلة مشاركة العمال، وتزايد العدوان، والانتشار المكثف للقوات، والقضاء على العديد من (المقاومين)، ستدفع الجماهير إلى الشوارع وبداية انتفاضة.
إحباط "المقاومة" الناعمة
لكن هذا لم يحدث. اتضح أنه على الرغم من التصريحات الصادرة للعالم الخارجي، لم يقرر مجلس الوزراء انهيار السلطة الفلسطينية، بل العكس: الهدف هو الحفاظ عليها كجزء من الاستقرار الأمني - وفقا لتصور الحكومة الإسرائيلية. العلاقة مع الأجهزة معقدة (قبل أيام قليلة فقط كشف عن خلية (مقاومة) مرتبطة بالسلطة)، لكنها تسهم هذه الأيام في الاستقرار الأمني.
من ناحية الجمهور الفلسطيني، من المهم معرفة كيفية تقسيمه إلى جماعات عدة. ما قد يدفع الفلسطينيين في جنين إلى الانتفاضة ليس بالضرورة ما سيقودهم إلى ذلك في الخليل. ينقسم السكان بشكل تقريبي إلى مجموعتين رئيسيتين: البالغون الذين عايشوا سنوات الانتفاضة وعملية السور الواقي، والشباب الذين عايشوا أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وما يحدث الآن. وتوضح مصادر أمنية "أن كليهما شهد كيف يغير الجيش الإسرائيلي صورته". كلاهما يدرك، كل بطريقته، ثمن الخسارة، أي ما قد يلحق به من ضرر نتيجة انتفاضة في مكان سكنه.
سبب آخر للواقع الأمني الحالي هو الاتساق والتحكم في الرسائل. يستثمر الجيش الإسرائيلي الكثير في إحباط "المقاومة" الناعمة، أي اعتقال المحرضين الرئيسيين على الإنترنت، بالإضافة إلى أولئك الذين يقبض عليهم بمواد التحريض. توضح المصادر نفسها: "إن رؤية شخص يتجول حاملا علم حماس في جنازة (مقاوم)، ثم اعتقاله بعد 12 ساعة، يبعث برسالة واضحة".
من المشاكل الخطيرة التي واجهتها القيادة كانت جنازات المسلحين الذين كانوا ينتجون مقاطع فيديو لمسلحين على بعد نصف ساعة من كفار سابا، وهي مقاطع قوضت شعور السكان الإسرائيليين بالأمن، وشكلت أيضا تحريضا على الإنترنت في الشوارع الفلسطينية. في الأشهر الأخيرة، يبدو أن هذه الظاهرة قد انخفضت بشكل ملحوظ.
يتعلق قلق قيادة المنطقة الوسطى بإمكانية العودة إلى التصورات التي كانت مقبولة قبل الحرب. وأوضحوا: "مع انتهاء القتال، هناك ميل لكي يعود الناس إلى ما ظنوا أنه ناجح سابقا. نحن نكافح حتى لا يتكرر هذا مع الجيش الإسرائيلي، وحتى لا نُفاجأ مرة أخرى".
تدرك المؤسسة الأمنية أن هناك أحداثا قد تشعل القطاع رغم التغييرات الجذرية التي يمر بها. قد يكون هذا إعادة تأسيس البنية التحتية للمقاومة من قبل مقاومين مفرج عنهم، أو هجوما خطيرا يطلق العنان لسلسلة من الهجمات، أو حدثا سياسيا خارجيا بقرارات دراماتيكية، أو جريمة قومية، أو حتى حدثا فلسطينيا داخليا.
قد ينتفض الشارع
صرحت مصادر في الجيش الإسرائيلي: "دخلنا هذه الأيام مرحلة عاد فيها مفهوم الترقب، وربما الأمل، إلى الشارع الفلسطيني. يرى سكان الضفة الغربية كيف يعلن ترامب انتهاء الحرب في قطاع غزة، ويلتقي بقادة عرب، ويعلن أنه يروج لخطة سلام شاملة للشرق الأوسط، ويتحدث أيضا عن مسار نحو دولة فلسطينية. لكن هذا الأمل، بل وحتى الخيبة منه، قد تثير غضب الشارع الفلسطيني". ولهذا السبب تحديدا، تشدد مصادر أمنية على ضرورة أن تعزز قيادة المنطقة الوسطى الركائز الأمنية التي بنيت خلال العامين الماضيين من دون التطرق إلى عوامل مختلفة، وأن تتصرف عكس ما فعلته قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) تماما.