عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Oct-2025

الإبادة وسفك دماء الأطفال والنساء أزالت قناعا تجملت به دولة الاحتلال لعقود؟

  الغد

 تحولت حرب الإبادة على غزة، خلال العامين الماضيين، من مواجهة عسكرية محدودة إلى أزمة سياسية ودبلوماسية هزّت صورة دولة الاحتلال على الساحة الدولية، وأعادت الزخم للقضية الفلسطينية في المحافل العالمية.
 
 
استطلاعات الرأي الأخيرة في العالم، مثل تلك التي أجراها مركز "بيو" في أيار (مايو) الماضي، كشفت أن نحو نصف الشباب في 20 دولة من بينها كندا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا، يحملون آراءً سلبية تجاه إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في انعكاس واضح لتبدّل المزاج العالمي.
ما يعني ذلك أن المشهد في العالم تغير بصورة دراماتيكية. فقد وجدت الحكومات الغربية نفسها أمام رأي عام غاضب، ومشاهد لا يمكن تبريرها، وضغط أخلاقي هائل لم يعد يحتمل صمتها الطويل.
فقد شهدت الفترة الماضية سلسلة اعترافات من عدد من دول العالم، في خطوة غير مسبوقة داخل المعسكر الغربي، وساهمت كل تلك التحولات في المزاج العالمي بإحداث زلزال دبلوماسي أعاد رسم خريطة المواقف الدولية، وأضعف تدريجياً احتكار الاحتلال للرواية المزيفة داخل المؤسسات الغربية.
واليوم، باتت 157 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة تعترف رسمياً بدولة فلسطين، أي ما يعادل أكثر من 80 ٪ من دول العالم.
إنها النتيجة الأوضح لـ"طوفان الوعي" الذي أطلقه السابع من تشرين الأول (أكتوبر)؛ إذ لم يعد الاعتراف بفلسطين مجرد موقف سياسي، بل تحوّل إلى إعلان ضمير عالمي يضع الغرب أمام مرآة قيمه المزدوجة، ويُسقط القناع عن زيف الخطاب الإنساني الذي طالما استخدم لتبرير الاحتلال.
ما شهدته الساحة الأوروبية بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والذي يعد تحوّلاً جذرياً في الموقف من الكيان الغاصب، لم يكن وليد ضغط الشارع فحسب، بل نتيجة انكشاف أخلاقي عميق هزّ الوعي الأوروبي الرسمي والشعبي على حد سواء.
فقد خرجت أصوات داخل الحكومات والبرلمانات الأوروبية تتحدث للمرة الأولى بوضوح عن إبادة، وجرائم حرب، وحصار لا إنساني، تمارسه دولة الاحتلال في غزة، بعد أن كانت مثل هذه المصطلحات محرّمة سياسياً واعلاميا لعقود.
المراجعات الأوروبية في المواقف لا تعبّر فقط عن ضغط الشارع الذي امتلأت به ميادين باريس ولندن وبروكسل بملايين المحتجين، بل عن تحول بنيوي في الإدراك السياسي، فالدفاع عن دولة الاحتلال لم يعد يحقق مكاسب سياسية وإستراتيجية، بل صار عبئاً أخلاقياً وسياسياً يهدد مصداقية أوروبا أمام شعوبها والعالم، كما لم تعد الحكومات الغربية قادرة على الادعاء بأنها تمثل رأي شعوبها في دعم الاحتلال، مع خروج ملايين الأصوات في شوارع لندن وباريس ونيويورك ومدريد لتؤكد بصوت واحد، "الحرية لفلسطين.
ضمن هذا السياق أكد وزير العدل الفلسطيني شرحبيل الزعيم أن "7 تشرين الأول (أكتوبر) شكل نقطة فاصلة في مسار الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، مشيراً إلى أن ما يزيد على 75 ألف فلسطيني استشهدوا، وعشرات الآلاف في عداد المفقودين، وأكثر من 150 ألف جريح، بينما تم تدمير 90 % من مباني قطاع غزة.
وأوضح الزعيم أن حجم الكارثة الإنسانية في غزة كشف البعد الإستراتيجي للعدوان، الذي تجاوز الأهداف العسكرية إلى الإبادة والتهجير القسري وتدمير البنية التحتية، ما جعل المدنيين عرضة للمجاعة والفقر والحرمان.
ولفت إلى أن تداعيات الحرب امتدت إلى الضفة الغربية، حيث شهدت مناطق مثل جنين وطولكرم عمليات إغلاق وهدم غير مسبوقة، تعكس توسع القمع من قبل الكيان المحتل خارج القطاع.
على الصعيد الدولي، قال الزعيم إن الحرب كشفت الوجه الحقيقي للاحتلال، مضيفاً "أعتقد أن صورة الاحتلال تعرّت، وزال القناع الذي كانت تضعه لتجميل وجهها.
وأشار إلى أن هذا التحول في الرأي العام ترافق مع تحركات دبلوماسية مهمة، إذ اعترفت 12 دولة جديدة بدولة فلسطين بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بينها فرنسا وبريطانيا، في خطوة وصفها بأنها "أكبر إنجاز دبلوماسي بعد الدم الفلسطيني.
وأكد الوزير أن هذه الاعترافات تمثل خطوة عملية لإقرار حقوق الفلسطينيين، وتضعف آثار وعد بلفور التاريخي، مشيراً إلى أن الدول الداعمة لفلسطين بدأت في تجميد الصفقات الدفاعية وإلغاء الامتيازات التجارية مع الاحتلال.
وتطرق الزعيم إلى الانعكاسات الداخلية للحرب داخل إسرائيل، مشيراً إلى أن حكومة الحرب التي شكّلها نتنياهو في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 شهدت انقسامات واستقالات، كما أدى طول أمد الحرب إلى فرض الخدمة العسكرية على "الحريديم" وإشعال توترات اجتماعية وسياسية غير مسبوقة. وأوضح أن صور الأطفال والشهداء والمستشفيات المدمرة كانت وقودًا غيّر بوصلة الرأي العام العالمي.
وأكد أن الاعتراف الدولي بفلسطين سيترك أثرًا سياسيًا وقانونيًا ملموسًا في المستقبل القريب، مشيراً إلى أن الدم الفلسطيني والدبلوماسية الهادئة نجحا في إعادة رسم ملامح الصراع، بينما تبقى المرحلة المقبلة رهناً بقدرة الفلسطينيين على تحويل المكاسب الدبلوماسية إلى واقع سياسي ودولة مستقلة على الأرض.-(وكالات)