عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2025

"الخط الحديدي الحجازي وآثاره التنموية".. محطات تاريخية تناقشها الشحادات

 الغد-عزيزة علي

صدر كتاب بعنوان "الخط الحديدي الحجازي وآثاره التنموية على الأردن (1900-1952)" للدكتورة خولة فلاح الشحادات، بدعم من وزارة الثقافة، يستعرض دور هذا المشروع التاريخي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الأردن.
 
 
 
يناقش الكتاب مراحل إنشاء الخط، تأثيره على المدن والقرى، دوره خلال العهد العثماني وعهد الإمارة، ومساهمته في تعزيز التجارة والنقل بين الأردن والدول المجاورة، بالإضافة إلى جهود الحكومات الأردنية في صيانته وإدارته.
 
 
ويقدم الكتاب تحليلا مستندا إلى وثائق ومصادر تاريخية نادرة، لتقديم صورة واضحة عن الدور التنموي للخط الحديدي الحجازي في تاريخ الأردن الحديث.
 
 
وفي مقدمة الكتاب، توضح الشحادات أنها تهدف من هذا الكتاب إلى "إبراز الدور التنموي للخط الحديدي الحجازي في الأردن خلال الفترة 1900-1952، وهي مرحلة شهدت أحداثا سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة أثرت في البلدان العربية التي يمر بها الخط، ولا سيما شرق الأردن ضمن حدوده الحالية".
 
 
وتشير إلى أن العمل الفعلي في إنشاء الخط، الذي يربط دمشق بالمدينة المنورة مرورا بالأردن، بدأ العام 1900. وفي العام 1952، صدر القانون رقم 23 الذي أكد وقفية الخط الحديدي الحجازي وجعله مؤسسة عامة ذات استقلال مالي وإداري وقانوني تتبع مباشرة لرئيس مجلس الوزراء.
 
 
وترى المؤلفة أن الموقع الجغرافي المميز للأردن، القائم على طرق التجارة العالمية ونقطة وصل بين قارات العالم القديم، يعد من أهم العوامل التي أسهمت في قيام الحضارات التي تعاقبت على هذه المنطقة، وما تزال آثارها منتشرة في مختلف أنحاء البلاد.
 
 
ومع ظهور الإسلام وانتشاره منذ القرن الأول الهجري/السابع الميلادي، برزت أهمية الأردن في تاريخ الدولة الإسلامية بفضل موقعه الرابط بين الجزيرة العربية جنوبا وبلاد الشام شمالا.
 
 
وتشكل المواقع الأثرية من قصور وحصون وقلاع ومساجد وطرق تجارية، العائدة لمختلف العصور الإسلامية، جزءا مهما من موروثه الحضاري، وتشهد على مكانته عبر التاريخ.
 
 
استمرت أهمية موقع الأردن خلال الحكم العثماني (1516-1918)، إذ أولت الدولة العثمانية عناية خاصة بقافلة الحج الشامي التي كانت تمر عبر أراضيه، فأنشأت الآبار والقلاع والبرك على طول الطريق، وقدمت الحماية اللازمة للحجاج.
 
 
وسارت هذه القافلة على مسارات الحضارات القديمة، التي أصبحت فيما بعد طريق الخط الحديدي الحجازي الممتد عبر الأردن من الشمال إلى الجنوب، وهو من أبرز المشاريع التي أنجزتها الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين (1900-1908).
ويتألف الكتاب من ثلاثة فصول وتمهيد يستعرض أهمية الموقع الجغرافي للأردن عبر العصور، وطرق المواصلات التي مرت به منذ أقدم الأزمنة حتى العصر العثماني، إضافة إلى مسار قافلة الحج الشامي وأبرز منازلها والصعوبات التي واجهتها وآثارها التنموية، ولا سيما على شرق الأردن. ويختتم الكتاب بخلاصة وعدد من الملاحق.
 
 
أما الفصل الأول فيتناول مد الخط الحديدي الحجازي، وفكرة إنشائه، وأهدافه، وطرق تمويله، ومراحل بنائه، وأهم المحطات التي أنشئت على طوله، إلى جانب الصعوبات التي واجهت عملية البناء وكيفية تجاوزها.
 
 
تناول الفصل الثاني الآثار الإيجابية للخط الحديدي الحجازي على الدولة العثمانية سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ودوره التنموي في شرقي الأردن بين العامين 1900 و1918، من حيث انتشار العمران على طول مساره، ونشوء القرى وتطور المدن، واستقرار العشائر البدوية، وتنشيط الزراعة، وخاصة زراعة الحبوب، وازدهار التجارة داخل الأردن ومع سورية وفلسطين والعراق، إضافة إلى دوره في الكشف عن الثروات المعدنية.
 
 
أما الفصل الثالث فبحث الدور التنموي للخط خلال الفترة 1918-1952، واستعرض ما لحق به من دمار خلال الحرب العالمية الأولى، وتقسيم إدارته بين الحكومة العربية الفيصلية في سورية وحكومة شرق الأردن، وجهود الهاشميين في إصلاحه. كما تناول تقسيم الخط بين الدول المنتدبة على سورية والأردن وفلسطين بعد سقوط الدولة الفيصلية، ومواقف العرب والمسلمين من هذا التقسيم، وأبرز المؤتمرات التي ناقشت مصير الخط.
وتطرق الفصل، كذلك، إلى موقف الأمير عبد الله الأول والحكومات الأردنية من سيطرة بريطانيا على الخط وإدارته عبر سكك حديد فلسطين، ورفض إمارة شرق الأردن لهذا الإجراء، ودعم الأمير للمواقف العربية المعارضة لتجزئته. كما عرضت الإجراءات التي اتخذتها حكومة شرق الأردن لحماية الخط، ومنها قانون سكة حديد الحجاز للعام 1930، وقانون مكافحة سرقة ممتلكات الخط في العام نفسه، وتعيين جنود ملكيين لحراسته من الشمال إلى الجنوب.
وتناولت الكاتبة إدارة الخط الحديدي الحجازي منذ استقلال الأردن العام 1946، وتسليم سكك حديد فلسطين مسؤولية إدارته إلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية، التي تولت إدارته عبر وزارة الدفاع العام 1948. كما أشارت إلى دور الحكومة الأردنية في صيانة الخط وترميمه وتزويده بالآلات والمعدات الحديثة، ما أسهم في زيادة حركة نقل الركاب والبضائع بين سورية والأردن وفلسطين.
وتطرقت، كذلك، إلى إدارة الخط في عهد الملك طلال بن عبد الله (1951-1952)، وإصدار قانون الخط الحديدي الحجازي العام 1952، وصيانة القاطرات وزيادة عددها ومركبات الشحن، مما أدى إلى تنشيط الحركة التجارية داخل المملكة وبينها وبين سورية.
واختتم الكتاب بخاتمة تلخص أهم ما توصلت إليه الباحثة، مع مجموعة من التوصيات ذات الصلة.
وقد اتبع الكتاب المنهج البحثي بالاعتماد على ما توافر من مصادر سابقة رغم قلتها، كما سعى إلى تقديم صورة واقعية للدور التنموي للخط الحديدي الحجازي في الأردن بين العامين 1900 و1952. وارتكزت الدراسة على ثلاث مجموعات رئيسة من الوثائق: الوثائق البريطانية (وثائق مكتب الهند البريطاني)، والوثائق الهاشمية، ووثائق المكتبة الوطنية، إضافة إلى الصحف والمجلات المعاصرة لفترة الدراسة. وجاء الكتاب محاولة لتفسير تاريخ الأردن خلال تلك الحقبة، التي لم تحظَ بدراسة مماثلة من قبل.
ومن دوافع إصدار هذا الكتاب الرغبة في دراسة تاريخ الأردن من خلال شاهد تاريخي بارز، حفظته الوثائق والمصادر الأولية بمواد دقيقة وغنية عن التاريخ السياسي والاقتصادي للأردن في مرحلة أسست لتاريخه الحديث.
يسعى الكتاب إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها: التعرف على طرق المواصلات في شرق الأردن قبل إنشاء الخط الحديدي الحجازي، خاصة طرق التجارة القديمة وقافلة الحج الشامي، تتبع إنشاء الخط الحديدي الحجازي من حيث الفكرة والأهداف والتمويل ومراحل البناء، إبراز الأثر التنموي للخط في شرق الأردن خلال العهد العثماني، بيان دور الأمير عبد الله الأول والحكومات الأردنية المتعاقبة في الحفاظ على الخط وموارده لضمان استمراريته، توضيح موقف الانتداب البريطاني من الخط وتأثيره على دوره التنموي.
تتمحور إشكالية الكتاب حول السؤال الرئيسي: "هل كان للخط الحديدي الحجازي دور تنموي في شرق الأردن، وما أبعاده؟". وتتفرع عنه التساؤلات الفرعية: "ما المصاعب التي كان يواجهها الحجاج قبل إنشاء الخط؟ ما الصعوبات التي واجهت مد الخط في شرق الأردن؟ ما الآثار الناتجة عن إنشاء الخط في المنطقة؟".