الغد
«إسرائيل أحسنت استخدام الأسلحة الأميركية. واشنطن زوّدت إسرائيل بأسلحة لم يحلم بها أحد، لتتمتع بالقوة الكافية».. تلك محاور من مجموعة محاور، تضمنها خطاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، يوم الاثنين الماضي.
المحاور التي تضمنها خطاب الرئيس الأميركي، كُلها في غاية الأهمية، ليس لأنها صادرة عن أعظم رئيس دولة في العالم، وإنما لما تحتويه من إشارات ورسائل، تتضمن تهديدات مُبطنة وأُخرى مُباشرة، لن يسلم من شررها، إلا من كان على دين ترامب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ربيبة ومُدللة الولايات المُتحدة الأميركية، الوحيدة.
لكن سأتطرق في هذه الكلمات، إلى محورين أشرت لهما في البداية، فالأول إقرار من الرئيس ترامب بأن «إسرائيل أحسنت استخدام الأسلحة الأميركية».. هذا تصريح مُباشر، ليس فيه أي مواربة أو التفاف.
نعم، «أحسنت» دولة الاحتلال استخدام تلك الأسلحة، بدليل أنها من خلال حرب وحشية وإبادة جماعية على قطاع غزة، أزهقت أرواح نحو 70 ألف شخص، جُلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وإصابة 170 آلف آخرين، نسبة ليست بسيطة منهم أُصيبوا بإعاقات دائمة، فضلًا عن حوالي 9500 مفقود.
نعم، «أحسنت» دولة الاحتلال استخدام الأسلحة الأميركية، بدليل أن دمرت المئات من بيوت العبادة، وجُل المُستشفيات والمراكز الصحية، وكذلك مراكز الإيواء، وخيم النازحين، ومراكز توزيع المُساعدات.. «أحسنت» بدليل أنها دمرت مئات الآلاف من البيوت والشقق السكنية، حتى الشجر لم يسلم من همجية بني صهيون، وداعميهم، وكذلك تلويث مياه الشرب، ناهيك عن التجويع والتعطيش.
كنت وما زلت أعتقد كما الكثير من العرب، أن واشنطن تُقدم دعمًا عسكريًا وماديًا إلى ربيبتها (الاحتلال الإسرائيلي)، لكنني بت مُتيقنًا بأن الرئيس ترامب، قدم ما لم يُقدمه أي رئيس سابق للولايات المُتحدة، ولا حتى بريطانيا، صاحبة الوعد المشؤوم، قدمت مثل ما قدم الرجل البرتقالي.
يبدو أن الرئيس الأميركي وصل إلى مرحلة لم يصلها أي حد من قبل، فها هو أوقف حربًا أو عدوانًا أو إبادة جماعية، حين بدت تلوح بالأُفق إشارات أو بوادر بأن العالم صار ضد دولة الاحتلال، و»ذُلها» و»مسكنتها» وادعائها بأنها مظلومة وصاحبة أكبر ديمقراطية في الشرق الأوسط، باتت لعبة كاذبة مكشوفة، لن تنطلي على دول العالم الإنسانية والأخلاقية بعد ذلك.
وما يؤشر على صدقية هذه الكلمات، وقوف أعضاء برلمان الاحتلال (الكنيست)، وهم يُصفقون له، حتى أن رئيسه قال موجهًا كلامه لترامب: «أنت أفضل رئيس بالنسبة لإسرائيل، وأنت الوحيد الذي شرع سيطرة إسرائيل على القدس».
أما المحور الثاني الذي يتمحور حول تزويد واشنطن لدولة الاحتلال بأسلحة لم يحلم بها أحد، «لتتمتع بالقوة الكافية».. فهذا يتمضن رسائل إلى كُل دول العالم بأن الولايات المُتحدة باقية على عهدها الباطل، بأن الاحتلال سيبقى قويًا، وأي دولة تُفكر بالاقتراب من هذا الكيان المسخ، عليها أن تتحمل عواقب ذلك.
محور فيه غطرسة واستهتار واستهزاء بأرواح الفلسطينيين، عندما قال الرئيس ترامب بأن «إسرائيل أحسنت استخدام الأسلحة الأميركية»، ومحور آخر تضمن تهديد مُباشر للعالم كافة، بأن واشنطن تملك من الأسلحة الغريبة ما يكفي لجعل العالم أجمع «لعبة بين يديها».