عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Oct-2025

"الكوكب الصامت" بطبعة فرنسية للجمزاوي.. خيال علمي برسالة إنسانية

 الغد-عزيزة علي

 صدرت الطبعة الفرنسية من رواية "الكوكب الصامت" للدكتورة والكاتبة الأردنية د. نهلة الجمزاوي، بترجمة الإعلامي والمترجم الجزائري مدني قصري، في خطوة أدبية تعكس البعد الكوني للرواية، وتساهم في تعزيز حضور الأدب العربي في الساحة العالمية للنشر.
 
 
من خلال هذه الترجمة، يؤكد الأدب العربي المعاصر حضوره على الساحة العالمية عبر ترجمات تسلط الضوء على عمق رؤيته الإنسانية والفكرية. 
الرواية تنأى عن الإثارة السطحية، لتقدم خيالا علميا واعيا يغوص في قضايا الوجود والمعرفة والأخلاق، من خلال حبكة تتقاطع فيها الابتكارات العلمية المتخيلة مع أزمات الواقع الإنساني المعاصر.
الرواية تتناول قصة كوكب تختفي فيه القدرة على النطق نتيجة ظروف فيزيائية قاهرة، ما يضطر الشخصيات إلى البحث عن أشكال جديدة للتواصل تتجاوز اللغة المنطوقة. ومن هذا الصمت يولد خطاب فلسفي وجودي، يعيد طرح أسئلة كبرى حول اللغة، الهوية ووسائل الاتصال الإنساني. وتخاطب الجمزاوي في روايتها المتلقي بلغة تجمع بين البساطة والعمق، في محاولة لإثارة الفكر وتحفيز الخيال، ضمن سردية تتبنى قيما إنسانية كبرى مثل، الحرية، العدل، السلام، نبذ الظلم واحترام الآخر، من خلال مقاربة جمالية وفكرية تنأى عن النمطية.
وفازت هذه الرواية بجائزة "الإبداع" من وزارة الثقافة الأردنية للعام 2015 في نسختها العربية، ما مهد الطريق أمام انفتاحها على جمهور جديد عبر الترجمة، وحظيت آنذاك بإشادة نقدية واسعة لما قدمته من تجربة فريدة ضمن أدب الخيال العلمي الموجه للكبار والناشئة على حد سواء، بحسب نقاد الرواية.
في تصريح لـ"الغد"، قالت الجمزاوي حول أهمية ترجمة روايتها إلى لغات أجنبية "إن ترجمة "الكوكب الصامت" إلى لغات أجنبية، وعلى رأسها اللغة الفرنسية، لا تعد مجرد فعل لغوي بحت، بل هي امتداد طبيعي لرسالة الرواية، وانفتاح لخطابها الإنساني على آفاق أوسع، تتجاوز حدود الجغرافيا والثقافة واللغة، لترتقي إلى مستوى الكونية".
ورأت الجمزاوي، أن روايتها لا تكتفي بكونها نصا تخيليا ضمن أدب الخيال العلمي، بل تمارس دورا فلسفيا وجماليا مزدوجا؛ فهي تحفز الخيال وتحاكي العقل، وتحمل في بنيتها العميقة منظومة من القيم الإنسانية الكبرى، مثل الحرية، العدالة، التسامح ومقاومة الظلم.
ومن خلال ذلك، تعيد الرواية تشكيل المفهوم التقليدي للخيال، وتجعل من العجائبي أداة لطرح الأسئلة الوجودية والإنسانية، ليس للهروب من الواقع، بل لمواجهته بوسائل أكثر إبداعا وعمقا، فاللغة الأدبية هي الأقدر على الرسوخ في الذاكرة. لافتة إلى أن ترجمة هذه الرواية تفتح نافذة على قارئ مثقف ومتعدد المرجعيات، لطالما احتفى بأدب الخيال العلمي وتفاعل مع أطروحاته الفلسفية والرمزية، وهو قارئ يعيش في مجتمعات تطرح فيها، أيضا، أسئلة الهوية والحرية والمعنى.
وأضافت المؤلفة أن ترجمة هذا العمل تمثل خطوة نحو كسر الصورة النمطية التي ما يزال الأدب العربي يحاصر بها في بعض السياقات العالمية، إذ تقدم نموذجا مختلفا لكيفية توظيف المخيلة العربية في إنتاج نص علمي فكري، قادر على الجمع بين الإقناع والمتعة معا، من دون الانصياع إلى أساطير أو استعارات مستهلكة، بل بالاعتماد على خيال علمي واع، مشروط بواقع معرفي وأخلاقي.
وأشارت الجمزاوي إلى أن أهمية الترجمة تكمن في أنها تنقل للقارئ الآخر لغة جديدة للصمت، ورسالة تؤكد أن الصمت لا يعني الغياب، بل قد يكون أبلغ أشكال الحضور. وإن غاب النطق عن الكوكب، فإن الكلمة في الترجمة تستعيد صوتها، وتعيد صياغة أسئلتها بلغة أخرى، لقارئ آخر، في مكان آخر.. غير أن النداء يبقى واحدا: أن نكون أحرارا، أن نحلم، وأن نؤمن بأن الأدب قادر، في "زمن الصخب"، على إنقاذنا وإيصال صوتنا.
وقالت المؤلفة "إن الرواية التي تنتمي إلى أدب الخيال العلمي، توجه خطابها الإنساني إلى اليافعين والشباب والكبار على حد سواء، وتثبت من خلال هذه الترجمة قدرتها على تجاوز التصنيفين العمري والجغرافي، والانفتاح على القارئ الفرنكوفوني، الذي طالما أبدى شغفا بالأدب القائم على الفكر والتخييل الفلسفي".
تعتبر الترجمة إلى اللغة الفرنسية نافذة جديدة على ثقافة مغايرة، إذ تمنح الرواية حياة ثانية وفرصة لتكون جزءًا من حوار حضاري عالمي، حيث يصبح الصوت العربي حاضنا لقيم كونية مثل، الحرية، العدالة، التسامح، احترام الآخر والانتصار للعلم والعقل. وبهذا الإنجاز، تؤكد رواية "الكوكب الصامت" أن الخيال العلمي العربي قادر على ملامسة الإنسان في كل مكان، وأن اللغة قد تختلف، لكن الرسالة التي يحملها الأدب الإنساني تظل واحدة.
وبينت المؤلفة أن ترجمة رواية "الكوكب الصامت" إلى لغة أجنبية، تعد محطة مفصلية في مسيرتها الإبداعية، خاصة بعد أن حصلت هذه الرواية على جائزة وزارة الثقافة الأردنية "للإبداع"، ونالت اهتماما نقديا يُثمن مضمونها وشكلها الفنيين.
وحول أهمية الترجمة للأدب العربي، قالت المؤلفة "إن نقل الأعمال الأدبية إلى لغات أخرى يعد خطوة بالغة الأهمية لتعزيز الحضور الثقافي العربي على الساحة العالمية، ولا يقل شأنه عن الترجمة عن اللغات الأخرى إلى العربية". لافتة إلى أن الترجمة إلى لغات أجنبية، تمكن الأدب العربي من الوصول إلى قراء جدد، وتعرف العالم على غنى التجربة الإنسانية العربية وتنوعها التاريخي والاجتماعي والفكري.
وتساهم الترجمة كما أوضحت الجمزاوي، في تصحيح الصور المغلوطة عن العالم العربي، من خلال تقديم خطاب أصيل يعكس المجتمعات من داخلها، لا كما تصورها وسائل الإعلام أو التمثيلات الخارجية. كما تعد ترجمة الأدب العربي وسيلة فاعلة للحوار الثقافي، إذ تبرز القواسم الإنسانية المشتركة بين الشعوب، وتكشف عن تنوع الرؤية الجمالية والفكرية في الثقافة العربية.
وخلصت، إلى أن العقود الأخيرة شهدت اهتماما متزايدا بترجمة أعمال كبار الأدباء العرب مثل، نجيب محفوظ، التي ساهمت ترجماتها إلى الإنجليزية ولغات أخرى في حصوله على جائزة "نوبل" للأدب، فضلا عن أعمال الطيب صالح، محمود درويش، أدونيس وغيرهم. ومع ذلك، ما تزال الحاجة ملحة لتوسيع مشاريع الترجمة وتشجيع المؤسسات الثقافية على دعم نشر الأدب العربي عالميا، ولا سيما الأعمال الجديدة التي تعكس التحولات الراهنة في المجتمعات العربية.