عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Oct-2025

ترامب ووقف الحرب أولاً*سلطان الحطاب

 الراي 

لو لم يتضمن اتفاق ترامب إلاّ وقف إطلاق النار على غزة ووقف ماكنة الصهيونية من فرم لحم أطفال غزة وتكسير عظامهم، لكان ذلك خطوة إيجابية.
 
المهم وقف النار ووقف سفك الدم وتحصين أجيال كاملة مُنعت من الحياة والتعليم والصحة، وستظل لسنوات طويلة ندبة في العمر الفلسطيني لا تُمحى.
 
إنها ليست حرب الحضارة مع الهمجية كما وصفها نتنياهو، بل حرب الحق مع الباطل، حرب الحياة مع الموت، وإذا كان قوس قزح يبدو ممتداً، فانه ينحني باتجاه العدالة أخيراً كما قال مارتن لوثر كنغ.
 
لا تهنوا ولا تحزنوا، إنها ليست أولى الجولات ولا آخرها، ونتمنى أن تكون آخر الحروب، وهذا يرتبط بحقوق الشعب الفلسطيني في ان يكون له وطن حر مستقل، وعندما لم يكن ذلك، كان السابع من اكتوبر، وكانت من قبل انطلاقة عام 1965، وكانت أشكال عديدة من المقاومة.
 
فالمقاومة نبات لا يخرج من فراغ، بل من حاجة وهو من مواليد الاحتلال الأكثر عصيانا وتمردا، فإذا كان الاحتلال له خيال يلاحقه وهو المقاومة التي هي من اعراض الاحتلال.
 
لن يموت الشعب الفلسطيني ولن تنطفئ فيه جذوة النضال، سواء بمبادرة ترامب أو كوشنر أو رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أو كل الشياطين المليونيريين، الذين يشكلون الجوقة السياسية للحل في غزة وقد اجتمعوا عليها، اجتماع الأكلة على قصعتها.
 
لن يغيب الشعب الفلسطيني حتى لو هدموا هياكل حماس وفصائل المقاومة، فإنهم لن يهدموا الحق في صدور اصحابه ولن يلغوا الإرادة والنضال حتى يتحرر هذا الشعب الذي جرب كل أشكال المعاناة، ولم يكن بحاجة لمن يحرضه او يدفعه لأن يناضل من أجل وطنه وحريته.
 
اعتقدت الصهيونية في هجمتها الرئيسية عشية النكبة 1948وبعدها أن الشعب الفلسطيني قد اختفى وسلّم الى الأبد، وكان في اذهان المجرمين وداعميهم صورة الهنود الحمر على الأرض الأميركية والكندية والذين غابوا بالافناء والابادة والتطهير العرقي
 
ولكن صرخة جولدا مائير المنتشية بالنصر بعد النكبة، وقولها، أين هو الشعب الفلسطيني؟ هذه الصرخة تجددت بعد كل عدوان ولكن هذا الشعب خرج من الرماد كالعنقاء وقاوم وأوقف العالم على مرحلة جديدة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
 
كل العالم لن يضمن الان لاسرائيل البقاء، مهما دججها بالسلاح، الاّ بالاعتراف بحقوق هذا الشعب وحصوله على حريته واستقلاله، وسوى ذلك، رطانة وكلام من لغو الصيف والهذيان؛ وسيكتشف ذلك الصديق قبل العدو.
 
الشعب الفلسطيني موجود حتى لو غيبوا قيادته ومناضليه ليحكموا عليه غيابيا، ويدركون ان له تمثيلاً لا يستطيع احد تجاوزه فقد ظل العالم والعرب ينادون بحضور الشعب الفلسطيني وممثليه وعدم جواز غيابه وان يحصل على دولته المستقلة ضمن حل الدولتين.
 
لقد قدمت القيادة الفلسطينية التي اخذت بالسلام رغم الوهم، ومسحت كثيراً من الخطوط الحمراء التقليدية، واعادت صياغة مواقف لم يقبلها حتى الشعب الفلسطيني، ومع ذلك منعت ورفض حضورها، ولم يسمح لها بحضور الحكم فجرى غيابيا، وهذا لا يلزمها بشيء حين يضر بمصالحها كانوا يريدون التعتيم لتكون العتمة على قدر يد الحرامي.
 
وإن غابت حماس عن المشهد في طلب أشبه بطلب قطع رأس يوحنا المعمدان، لصالح سالومي الرقاصة اليهودية، الاّ أن منظمة التحرير الفلسطينية، ما زالت موجودة ويعترف بها العالم أكثر من كثير من الدول وسفاراتها ستزداد وما زالت تملك تراثها حتى وإن كانت المناخات صعبة وغير مواتية، وستكون اقوى وستتغير مكلفةً بحمل نضال شعبها ودمه.
 
والعالم الذي دفع ثمن الصراع، سيبقى يدفع المزيد منه الى أن تتحقق العدالة، وهذا ما قال به العالم في تصويته على دولة فلسطينية مستقلة لم تكن منَّة من أحد، والتي لم يأت على ذكرها الرئيس ترامب ببيانه الاّ بنصف سطر دون أن يعرفها أكثر وترك أمر تعهدها الى من عمل على دفنها ووأدها حيّة، وهو رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، وكمن استرعى الذئب الغنم..
 
يحضر القتلة الى منابر الأمم المتحدة، ويمنع أصحاب الحق والمعتدى عليهم، هذه هي العدالة التي تطرح المبادرات المشوهة والمتسرعة، كان هدف الادارة الأميركية ارضاء حليفتها اسرائيل، لأنها ما زالت تعتقد أن مصلحتها مع اسرائيل والدفاع عنها وبقائها باعتبارها المشروع الغربي الاساسي في العالم العربي لابقاء التحكم والسيطرة، لصالح الغرب والاستعمار الجديد.
 
المهم أن تقف الحرب قبل الشتاء وان يجد الفلسطينيون المأكل والملبس والمسكن قبل الشتاء، وأن يأخذوا هدنة تضميد جراحهم ومعالجة ما تبقى لهم من أجيال مكلومة ومدمرة، وان يبحثوا عن انفسهم فوق الركام وتحت الركام بعد أن منعتهم الابادة من ذلك.
 
أيّها الفلسطينيون، للمرة الألف إدفنوا موتاكم وانهضوا للحياة التي انكرتكم فالحياة والحرية أوسع واكبر من اسرائيل والولايات المتحدة.
 
لا تيأسوا من كسل الأمة وانصرافها، فقد كان مثل ذلك في التاريخ، في زمن الحروب الصليبية، والخروج من الأندلس ولكنها كانت تأتي بعد ذلك كالسيل، وقد حررت القدس، وطردت الغزاة وإذا كان قد حدث تعثر وتزاحمت عليكم الأمم بعدوانها وسلاحها ، فإن تلك موجة لن تستمر مهما عظمت التضحيات.
 
نعم ادفنوا شهداءكم وانهضوا أمام الحياة، فأنتم جديرون بها بعد كل ما قدمتم، ولن تُخيب الأمة آمالكم، وستجد انها بكم اقوى عاجلاً أم آجلاً، فهناك تحولات كبيرة وهامة وستدرك الأمة انكم كنتم بصمودكم ما تعتز به الاجيال في... المنعة والخلاص وانتم عنترها الذي رد السبي وصمد ومنع الاستباحة الكاملة للامة انه عنتر ابن شداد وإذا كنتم تنادونه في السلم يا ابن زبيبة، فإن ذلك لن يدوم وستذكرون انه هو من قال غاضباً:
 
ينادوني في السلم يا ابن زبيبة
 
وعند اشتداد الحرب يا ابن الأكارم