عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Oct-2025

غزة.. اتفاق مليء بالعقد فهل تنجح الإرادة الدولية بتثبيته؟

 الغد-محمد الكيالي

 تحول ملف الأسرى إلى المحور الأساسي بتحديد مسار الحرب العدوانية على غزة، إذ أصبح أحد المفاتيح الرئيسة لوقف القتال، بالإضافة لنجاح مرحلته الثانية، والتي تتضمن جملة بنود معقدة، مثل تسليم المقاومة لسلاحها، وعدم مشاركتها بإدارة غزة، وانسحاب جيش الاحتلال. 
 
 
ولا تقتصر الصفقة المرتقبة في هذا السياق فقط على بعدها الإنساني، بل تحمل أبعاداً إستراتيجية قد تسهم بتخفيف عزلة الاحتلال دوليا، وتضعه أمام اختبار صعب بشأن التزاماته السياسية والأخلاقية. 
في المقابل، فإن تسليم الأسرى الأحياء ضمن المهلة المحددة، يعد أحد العوامل الحاسمة بتثبيت أي اتفاق قادم، أما انسحاب قوات الاحتلال الثقيلة، فيعكس تراجع احتمالات العودة للقتال البري التقليدي، ما يشير إلى تغييرات في النهج العسكري. 
ومع ذلك، يبقى مستقبل غزة مرتبطاً بالإرادة الدولية، وبقدرة الأطراف الإقليمية والدولية على ضمان تنفيذ الاتفاق ومنع انهياره. وهنا يتداخل ملف الأسرى مع نهاية الحرب، ليصبح نقطة ارتكاز رئيسة تحدد ما إذا كان القطاع سيشهد تهدئة طويلة الأمد أو جولة جديدة من التصعيد.
الاتفاق كمفتاح لإنهاء الحرب
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، قال إن صفقة تبادل الأسرى بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة، تمثل فرصة كبيرة لفتح الباب أمام إنهاء الحرب على غزة، مشيرا إلى أن الاحتلال ينظر لهذا الملف باعتباره مدخلا لمرحلة جديدة، قد تخفف من عزلته الدولية المتزايدة.
وأوضح الماضي، بأن الاحتلال يسعى عبر الصفقة، لتجنب مزيد من الضغوط والعزلة التي واجهها العامين الماضيين، غير أن الأمر لا يخدم بالضرورة مصالح رئيس وزرائه المتطرف بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف، الذي يسعى دوما لتقويض القوانين والمعايير الدولية، وتقديم نفسه كقوة مهيمنة في المنطقة. 
وأضاف، أن الاحتلال يمر حاليا باختبار صعب، سياسيا وأخلاقيا، مشيرا أن الدمار الواسع الذي خلفته الحرب الإبادية على قطاع غزة، جعل من الصعب تحديد أماكن هذه الجثث أو مصيرها، باعتبار أنها قد تشكل ملمحا من ملامح تشكلها كعقبة في طريق الصفقة. 
ورأى الماضي أن بنود الاتفاق، لن تترك دون معالجة، إذ ستتدخل أطراف دولية للمشاركة في تفكيك أي عقبة، متوقعا بأن تمارس الولايات المتحدة الأميركية، ضغوطا على الاحتلال للقبول بما ستتوصل إليه النتائج هذه الأطراف من نتائج.
"لبننة" الوضع في غزة
بدوره، قال الخبير العسكري نضال أبو زيد، إن قراءة بنود الاتفاق، بما في ذلك ما يعرف بـ"الملحق السري"، توضح بأن تسليم الأسرى الأحياء، يجب أن يتم خلال 72 ساعة، وفي حال عدم التنفيذ يعود القرار بالعودة للقتال إلى نتنياهو. مبينا بأن "المقاومة قادرة على تسليم الأسرى الأحياء ضمن المهلة المحددة، فيما تبقى إشكالية جثامين الأسرى القتلى الـ28، إذ يعتقد بأن 9 منهم ما يزالون مفقودين تحت الركام نتيجة الدمار الهائل الذي تعرضت له غزة". 
وأشار إلى أن هذه المعضلة قد تحل عبر وساطة تركية- قطرية- مصرية، بمنح فترة زمنية أطول للبحث عنها، كي لا تكون ذريعة لتعثر الاتفاق، مضيفا بأن حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب للكيان ومصر، وتوقيعه شخصيا على الاتفاق، بالإضافة للمشاركة الإقليمية في مراسم التوقيع، يمنح الاتفاق زخما سياسيا ويشكل ضمانة إقليمية ودولية، تحول دون العودة للقتال في القطاع.
ولفت أبو زيد إلى أن طريقة انسحاب الاحتلال، خصوصا سحب القوات الثقيلة والفرق المدرعة (162 و36)، تعكس بأن العودة للقتال البري التقليدي لم تعد على طاولة الاحتلال، محذرا من أن نتنياهو قد يسعى لـ"لبننة" الوضع في غزة، بإقامة نقاط انتشار على طول المنطقة العازلة، وتنفيذ عمليات محدودة وانتقائية، على غرار ما يحدث في جنوب لبنان.
وأكد أن ملف الأسرى لن يقود على الأرجح لاستئناف القتال كما في السابق، لكنه قد يستغل من جانب نتنياهو للتشكيك في الاتفاق أو لتوظيفه سياسيا، سعيا لتحقيق مكاسب انتخابية في الاستحقاقات المقبلة.
مصير غزة مرهون بالإرادة الدولية
من جانبه، قال المحلل السياسي عصمت منصور إن الحرب في غزة وصلت لنهايتها، مشيرا إلى أن الإرادة الدولية والضغط العالمي، حالا دون استمرارها، موضحا بأن مستقبل الأوضاع بعد الحرب سيعتمد أساسا على الإرادة الدولية، وعلى مدى تمسك ترامب بخطته وإصراره على تطبيقها. 
وأضاف أن حماس سواء في غزة أو في الضفة الغربية، ستلتزم بما يترتب عليها من تعهدات، لكن يبقى السؤال الأهم: كيف سيتعامل ترامب والمجتمع الدولي مع ملف الأسرى؟ مشيرا إلى أن غياب أسرى الاحتلال الأحياء من غزة، سيسقط آخر ذرائع الاحتلال لمواصلة الحرب، ما قد يغير أولويات الأجندة السياسية في الكيان الصهيوني، ويؤثر على المشهد الداخلي برمته، فضلا عن انعكاساته المباشرة على غزة.