عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jul-2025

هل جعل نقاش اغتيال خامنئي استهداف رؤساء الدول مباحا؟

 الغد

جدعون ليفي* - (هآرتس بالعربي) 2025/6/22
 
 
 
من المعروف أن بنيامين نتنياهو مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف في غزة. فهل يبرر هذا الواقع الدعوة إلى اغتياله؟ هناك الكثيرون في إسرائيل الذين يرونه طاغية ومدمرا للدولة والديمقراطية، ومع ذلك لا أحد -كما نأمل- يطرح اغتياله كخيار.
 
 
هل يجوز طرح مسألة اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، في المجال العام وكأنها نقاش مشروع؟ وهل يصح، من حيث المبدأ، اغتيال رؤساء الدول؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فمن هو الذي يحدد متى يكون ذلك مسموحا، وأي زعيم يجب أن يكون مستثنى من هذا المصير؟ من يملك الحق في أن يقول إن خامنئي هدف مشروع بينما بنيامين نتنياهو ليس كذلك؟ أو أن بوتين يمكن اغتياله، أما ترامب فلا؟ مَن من هؤلاء القادة يشكل تهديدا أكبر لمستقبل البشرية؟ سوف تتغير الإجابات عن هذه الأسئلة وفقا لمن يطرحها، لكن خطورتها تبقى ثابتة.
وفي سياق متصل، لماذا يعد قتل علماء الذرة الإيرانيين أمرا مقبولا، بينما يمنع المساس بنظرائهم الإسرائيليين؟ أليس كلا الطرفين يعمل في خدمة آلة القتل النووية ذاتها؟ وهل من المنطقي أن يسمح لدولة بامتلاك السلاح النووي بينما يحرم امتلاكه على أخرى؟ إن التهديد لا يرتبط بجنسية الدولة. لم تكن إيران دائما عدوا، ولم تكن إسرائيل دائما آمنة. وفي هذه الأوقات، يوجد في إسرائيل عدد كاف من الساسة المتطرفين الذين يهددون استقرار المنطقة بأسرها. فهل نثق، نحن في إسرائيل، بوضع الشيفرات النووية بين أيديهم؟ وهل يكون اغتيالهم مشروعا هو الآخر؟
هذه الأسئلة تلامس حدود المحرم والمخيف، ومع ذلك تتجنب إسرائيل مواجهتها، وتتمسك بدلا من ذلك بردها المألوف: "لا مجال للمقارنة". في الحقيقة، تعتبر إسرائيل نفسها حالة فريدة، استثناء مطلقا، وكأن قوانين العالم لا تنطبق عليها. لكنها ليست كذلك. حتى أن ييغال عمير اعتبَر أن إسحق رابين هو خطر وجودي -ومع ذلك، لا أحد في إسرائيل يبرر اغتياله.
اليوم، ترى إسرائيل في خامنئي تهديدا وجوديا وتعتبر اغتياله خيارا مشروعا، وتقول ذلك من دون مواربة أو خجل. ولكن حين ننزع غطاء "الخصوصية الإسرائيلية" -الذي يبرر لإسرائيل فعل كل شيء باسم الهولوكوست ومجزرة السابع من تشرين الأول (أكتوبر)- تظهر الأسئلة على حقيقتها، ولا يمكن الهروب منها. وهذه الأسئلة تتطلب إجابات كونية، لا استثنائية.
تستحضر إسرائيل اسم هتلر لتبرير اغتيال خامنئي، كما لو أن المرشد الإيراني هو تجسيد جديد للنازية. لكن خامنئي ليس هتلر، وتكشف مجرد المقارنة من هذا النوع عن خواء أخلاقي. تدعي إسرائيل أنها لا تستهدف المدنيين، لكن خامنئي ليس عسكريا، وإنما رجل دين وزعيم سياسي. مع ذلك، دعونا نضع مسألة الشرعية جانبا ونسأل: هل الاغتيال خطوة حكيمة أصلا؟ حتى كتابة هذه السطور، تنزلق الحرب مع إيران إلى مستنقع. وفقا لتقارير يانيف كوفوفيتش، لم يعد الجيش الإسرائيلي قادرا على تحديد مدى زمني للعمليات. ويغلب أن الاغتيال لن يوقف هذا المسار، بل سيزيد الأمور اشتعالا.
في هذه الأثناء، يتصرف وزير الدفاع الإسرائيلي وكأنه إله. ويعلن، بكل صلف، أن "خامنئي لا يحق له الوجود". ولكن ما هي معاييره لامتلاك هذا الحق؟ من خوّله بتحديد من يعيش ومن يموت؟ هل نعيش تحت سلطة محكمة سماوية يرأسها وزير إسرائيلي؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل يحق لوزير الدفاع الإيراني أن يهدد باغتيال نظيره الإسرائيلي؟ وبالإضافة إلى ذلك، يتحدث الإعلام الإسرائيلي عن "صيد العلماء" الإيرانيين، في تكرار مرعب لمصطلحات الستينيات في مصر. لكن العلماء لا يُصادون، لأنهم ليسوا طرائد -حتى مع أن صيد الحيوانات هو في حد ذاته جريمة أخلاقية- فكيف إذا كانوا بشرا؟
لا يمكن أن تكون الدعوات إلى اغتيال رؤساء الدول، أيا كانت خلفياتهم، مشروعة. من المعروف أن بنيامين نتنياهو مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف في غزة. فهل يبرر هذا الدعوة إلى اغتياله؟ هناك الكثيرون في إسرائيل الذين يرونه طاغية ومدمرا للدولة والديمقراطية، ومع ذلك لا أحد -كما نأمل- يطرح اغتياله كخيار.
يعني فتح باب الحديث عن اغتيال خامنئي القبول بفكرة أن اغتيال القادة هو أداة مشروعة في العلاقات الدولية. وسرعان ما يتحول السؤال مِن "هل يجوز الاغتيال"؟ إلى "من الذي يجوز اغتياله؟ ومن الذي لا يجوز اغتياله"؟ -والإسرائيليون، بطبيعة الحال، مستثنون.
 
*جدعون ليفي: صحفي وكاتب ومحلل سياسي إسرائيلي بارز، يُعرف بمواقفه النقدية والجريئة تجاه السياسات الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بالاحتلال ومعاملة الفلسطينيين. يعمل منذ عقود في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، حيث يكتب عمودا أسبوعيا يعد من بين أكثر الأعمدة إثارة للجدل في الإعلام الإسرائيلي، ويغطي فيه الواقع اليومي للفلسطينيين تحت الاحتلال. ينظر إليه كأحد الأصوات القليلة داخل إسرائيل التي تتحدث بوضوح عن الانتهاكات وجرائم الحرب، وقد أثار إعجابًا واسعًا في الأوساط الحقوقية الدولية، في مقابل تعرضه لهجوم شديد داخل إسرائيل من قبل اليمين والإعلام السائد، مما جعله رمزًا للنزاهة الصحفية والموقف الأخلاقي النادر.