عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Nov-2025

أول دراسة أكاديمية لجريدة «النداء» المشؤومة* حمزة عليان

الجريدة -

 
سُئلت كثيراً من قِبل باحثين ومهتمين عن جريدة «النداء»، التي أصدرها الاحتلال العراقي عام 1990، بعد أن صادروا مبنى «القبس»، واحتلوه، وتحوَّل إلى مقر لهذه الجريدة.
 
إجاباتي كانت بحدود معرفتي المتواضعة بنهب وسرقة نصف محتويات مركز المعلومات، وما ملكت أيديهم من أجهزة ومكائن طباعية وغيرها.
 
أسوأ مرحلة مرَّت بها الصحافة الكويتية كانت عندما صُودرت كل الصحف، بحُكم الأمر الواقع العسكري بعد 2/ 8/ 1990 مباشرة، وراح الملحق الثقافي العراقي حامد الملا يجهِّز المسرح، ويعد العدة لإصدار الجريدة المشبوهة.
 
ما وصلني أخيراً دراسة جامعية لنيل الدكتوراه أعدَّها أحمد الراوي وحيدر الكيلابي من جامعة كندية بعنوان: «غزو العراق للكويت والسياسات الإعلامية في بناء الدولة القومية تحليل موضوعي تطبيقي لجريدة النداء».
 
تكشف الدراسة عن الدور الذي تلعبه الدعاية في بناء الدولة أثناء الحروب، وكيف تقوم الأنظمة الاستبدادية بهندسة الهوية الوطنية عبر وسائل الإعلام.
 
صدرت «النداء» يوم 11/ 8/ 1990، أي بعد أكثر أسبوع من الغزو، وتحوَّلت إلى الوسيلة الإعلامية الوحيدة حتى يناير 1991، تاريخ بدء الحملة الجوية، وتوقفها قسراً عن الصدور، علماً أن هناك نشرات سرية كانت تصدر من مواطنين كويتيين صمدوا أثناء الاحتلال تعبيراً عن رفضهم ومقاومتهم.
 
الهدف، وفق الدراسة، هو احتكار المعلومات وتوجيه الرأي العام، ولم تكن وسائل الإعلام لدى حزب البعث والسُّلطة الحاكمة مجرَّد أدوات لنقل الأخبار، بل كانت جزءاً من بنية السُّلطة الاستبدادية، حاول الاحتلال واهماً صناعة رأي عام كويتي يُناصر العراق، لكنه بالتأكيد واجه الفشل.
 
التحليل شمل دراسة 104 أعداد من الجريدة، علماً أنها أصدرت 140 عدداً خلال فترة الاحتلال، وهو أول تحليل علمي ل «النداء» بوصفها وثيقة تاريخية للدعاية في زمن الحرب.
 
لم تكن «النداء»، كما قرأها الباحثان، مجرَّد وسيلة لحشد الدعم الداخلي في العراق، بل أداة لإضفاء الشرعية على الاحتلال.
 
حصل الباحثان على أعداد الصحيفة من المكتبة الوطنية العراقية وأرشيف مكتبة الكاظمية. ركَّزت الدراسة على تحليل الصفحات الأولى فقط، واستبعد الباقي.
 
الدعاية البعثية ركَّزت على 6 قضايا، هي: الادعاءات التاريخية، وإقصاء القيادة، والدمج الاجتماعي والسياسي، وفرض القانون، والاندماج الاقتصادي، والمطالبات الإقليمية. وهو ما يمكن اعتباره عنواناً للخطاب الدعائي ل «البعث»، تم تصحيحه ليلائم شرعنة الغزو. 
 
أظهر التحليل أن «النداء» أداة إعلامية لمشروع متخيل سعى فيه النظام العراقي إلى تقديم الاحتلال كعملية اندماج شرعية في إطار قومي أكبر، وهذه أكبر كذبة في تاريخ «البعث» والعرب. 
 
في الخاتمة، ومن خلال تحليل مضمون ل 104 أعداد، اتضح أن النظام العراقي استخدم الجريدة كوسيلة لفرض رواية رسمية واحدة تحاول شرعنة الاحتلال وطمس الكيان الوطني الكويتي، لكنه مُني بهزيمة نكراء.
 
لقد فضحت «النداء» نفسها مع سقوط النظام الذي أنتجها.