عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jul-2025

لعنة الطائفية!*احمد ذيبان

 الراي 

أخطر ما تواجهه شعوب منطقة الشرق الأوسط هو التعصب الطائفي، وخاصة عندما تتغطى الطائفية بلباس سياسي، وأظن أن هذا التعصب تفوق أخطاره بكثير التعصب العشائري والقومي، ذلك أن من طبيعة الحياة انقسام البشر في مختلف أنحاء العالم، الى قوميات وشعوب تختلف في لغاتها وأعراقها، لكن يمكن القول انه من خطايا التاريخ العربي والاسلامي، هو الانقسابات الطائفية والمذهبية، التي تسببت بصراعات ونزاعات واقتتال طائفي، ذهب ضحيته عدد كبير من الأشخاص في اطار الصراع على السلطة، تحت عنوان الدفاع عن المذهب والطائفة!
 
ويسجل لنظام الملالي الذي حكم ايران منذ عام 1979، أنه نشر "فيروس" الطائفية السياسية خاصة في دول المشرق العربي، وبذلك أنعش متعمدا خلافات مذهبية مضى عليها نحو 1400 عام، وهدفه في ذلك زرع الانقسامات وتفتيت المشرق العربي وتسهيل سيطرته ومد نفوذه عليها، وزاد على ذلك بأن صنع ميليشيات طائفية يمولها ويسلحها ويدربها لتعميق الانقسامات في بلدانها، وقد نجح في ذلك الى حد كبير، ويمكن ملاحظة نتائج مخططاته الخبيثة في سوريا والعراق ولبنان واليمن!
 
لكن الأمر لا يتوقف عند مخططات نظام الملالي، بل ان الكيان الصهيوني يقوم باستكمال المشهد، فهو يلعب نفس اللعبة باستخدام ورقة الطائفية في سوريا اليوم، بعد سقوط نظام عائلة الأسد وهروب بشار الى موسكو، بكل ما خلفه في سوريا من دمار وجرائم يقدر عدد من قتلوا فيها بمليون شخص، وتهجير نحو 12 مليون آخرين وتفكيك لمؤسسات، وكانت سوريا مستباحة في ظل حكمه، وتخضع لوصاية روسيا والنظام الايراني، وما استأجره من عشرات الميليشيات الطائفية من دول عديدة، بالاضافة الى حزب الله اللبناني، وقد ارتكب الحرس الثوري الايراني وهذه الميليشيات جرائم مروعة بحق الشعب السوري.
 
وساهم نظام بشار قبل سقوطه باستخدام ورقة الطائفية، لزرع الفتن والانقسامات في المجتمع السوري، الذي لم يعرف الطائفية السياسية قبل وصول عائلة الأسد للحكم في سوريا، فيما سمي "الحركة التصحيحية" التي قادها حافظ الأسد عام 1970!
 
وفي هذه الأيام يطفو على سطح الأحداث، ويتصدر نشرات الأخبار الاقتتال الداخلي بمحافظة السويداء في الشقيقة سوريا، بين عصابات متمردة على الدولة وخارجة عن القانون، والعجيب أن أحد مشايخ الدروز في مدينة السويداء، يستنجد بالعدو الصهيوني لحماية دروز سوريا! بدل أن يلجأ لنظام الحكم الجديد في سوريا الذي مد لهم يده، لتحقيق الأمن والاستقرار في المدينة، باعتبارها جزء من سوريا وليس مشروعا للتقسيم!
 
وكان لافتا أن اسرائيل بدأت الاستثمار السياسي للتحول التاريخي، الذي وقع في سوريا في نهاية العام الماضي، بعد أن انتصرت الثورة السورية وهرب الرئيس المخلوع بشار.
 
ومنذ سقوط نظام الأسد قامت اسرائيل باعتداءات متواصلة، على الأراضي السورية، وشنت مئات الغارات الجوية والضربات الصاروخية، التي استهدفت تدمير القدرات العسكرية التي خلفها جيش النظام السابق، وكان أحدث الضربات الاسرائيلية مئات الغارات الجوية العنيفة على السويداء ودمشق بذريعة حماية الدروز، طالت هيئة اركان الجيش ومحيط القصر الرئاسي، في انتهاك صارخ لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة.
 
كما احتلت أراضٍ جديدة بحجة أن اتفاق فصل القوات، بين إسرائيل وسورية لعام 1974 لم يعد قائمًا، وفي حين تتوغل قوات الاحتلال يوميًا في الأراضي السورية، بحجة البحث عن سلاح منتشر في المنطقة، تحاول حكومة نتنياهو فرض منطقة منزوعة السلاح تشمل الجنوب السوري كله.
 
وكانت أهم الأوراق التي تلعب بها دولة الاحتلال التعددية الطائفية والعرقية، حيث تتشكل سوريا من السنة والعلويين والدروز والمسيحيين والأكراد، ولا يخفى على كل من يعمل في السياسة والمحللين والمراقبين الاعلاميين المختصين، أن اسرائيل تسعى الى تقسيم وتفتييت سوريا الى كانتونات طائفية وعرقية وجهوية وتحويلها الى دولة فاشلة، وبالتالي ايصالها الى مرحلة الخضوع الكامل لدولة الاحتلال، ذلك أن من أهم أولويات الكيان الصهيوني، عدم وجود دول قوية على حدودها وخاصة دول الطوق العربية.