عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Oct-2025

«طبخة» سياسية في واشنطن : مطلوب لاعبون فلسطينيون «أذكياء»*حسين الرواشدة

 الدستور

من فوق رُكام غزة المدمرة، يحاول الإخوان المسلمون تقديم أوراق اعتمادهم إلى واشنطن، المرافعة جاهزة : حماس يمكن أن تتكيف مع استحقاقات المرحلة القادمة، لا يوجد قوة سياسية فلسطينية تحظى بالشرعية، وتستطيع أن تضبط إيقاع الواقع الفلسطيني على ساعة «ترامب» إلا حركة خرجت من الحرب، تماماً كما حصل مع «فتح « حين انتقلت من النضال إلى السلطة، ترامب أشاد بحركة حماس «مفاوضون أقوياء جداً وأذكياء»، الذكاء بالطبع مطلوب، و «الحيّة « رد على ترامب التحية بالشكر أيضاً.
 
‏انطفأت شرارة الحرب، ولو مؤقتاً، غزة تعاين جراحاتها العميقة، تم تنفيذ المرحلة الأولى من مبادرة ترامب، إسرائيل استعادت رهائنها، المراحل القادمة صعبة؛ هل تسلم حماس أسلحتها وتقبل بهدم أنفاقها، هل تتخلى عن حكم وإدارة غزة، هل يخرج قياداتها إلى دول أخرى تقبل استضافتهم؟ الإجابة ليست متاحة الآن، أكيد ثمة ملاحق سرية لصفقة ترامب، وفق معلومات، تركيا -بتفويض من جماعة الإخوان - أوصلت رسالة إلى الطرف الأمريكي مفادها «عملية تأهيل حماس لمرحلة ما بعد تنفيذ المبادرة ممكنة»، تكرار نموذج الشرع وارد تماماً، الفضاء الدولي لا الفضاء الفلسطيني ربما يكون مجالا أمام حماس لابرام صفقة التسوية النهائية للقضية الفلسطينية، خلال السنوات القادمة.
 
‏على نار هادئة، ثمة «طبخة» سياسية في واشنطن لتصفية نهائية للقضية الفلسطينية، مطلوب لاعبون فلسطينيون «أذكياء « للتوقيع عليها، حماس في بيانها الأخير تحدثت بالسياسة وبلغة التفاهمات، تنازلت عن طوفان الأقصى واستبدلته بمعركة 7 أكتوبر، أبو مرزوق واجه احد مقدمي الأخبار على الشاشة غاضباً من سؤال عن ثمن الحرب ومعركة تحرير فلسطين، لا أحد في حماس يقبل التشكيك بجدوى 7 أكتوبر، الحركة أكبر من المساءلة، 150,000 شهيد وجريح مجرد خسارات تكتيكية، الاعتراف بالخطأ يهدم الشرعية ويهشّم الايديولوجيا، لكن في بازارات السياسة كل شيء ممكن، المهم أن أن تعود الحركة إلى الحكم، عودتها انتصار.
 
‏لكي نفهم ألغاز الطوفان، ونفهم، أيضا، عملية الدوحة وخفايا مبادرة ترامب، وما جرى ويجري من ترتيبات لإعادة ترسيم خرائط المنطقة، وتقسيم مناطق النفوذ، وفتح الممرات التجارية والاقتصادية، نحتاج ربما إلى وقت طويل، المهم الآن أن نخرج من صندوق التحليلات الرغائبية وتوزيع الوصفات الجاهزة، لا يوجد تابوهات سياسية غير قابلة للكسر وإعادة التشكيل، ألدّ الأعداء يمكن أن يجلسوا على الطاولة، القوة تستسقي القوة، التنازلات أمام نيل جائزة السلطة واردة وبلا حدود، هذا يعني أننا سنكون أمام مرحلة توزيع الغنائم على مستحقيها فيما يسمى الشرق الأوسط الجديد، بدءاً من إعادة الحياة للاتفاقيات الإبراهيمية، وصولا إلى ترويض إيران وإدماجها في المنطقة من جديد.
 
‏ربما نكتشف، قريباً، أن ماكينة( تيد كروز) لتصنيف الإخوان المسلمين كجماعة ارهابية قد توقفت، ربما نكتشف، أيضاً، أن وراء المغازلة السياسية بين ترامب وحماس تفاهمات للاعتراف بالدولة اليهودية وحل الدولتين على أساس الوضع القائم الذي فرضته إسرائيل على الأرض، ربما نكتشف، ثالثاً، أن وظيفة تدويل غزة وإعمارها وتأهيل إدارتها الجديدة من قبل الدول التي تعهدت بالإشراف على خطة ترامب تصب في هدف محدد، يجري التجهيز له مستقبلا، وهو صناعة حماس جديدة، او نسخة عنها مختلفة تماماً، كما فعلت تركيا في سوريا، ربما نكتشف، أخيراً، مفاجآت أخرى لا نتوقعها ولا نتصورها الآن، لكن كل شيء وارد، ولا يخضع أبداً لحسابات قوالب تعطل فيها العقل السياسي عن التفكير، وانتصرت فيها العواطف الجياشة، والأحكام المقدسة.