الراي
في الأردن، لعبت جمعيات المجتمع المدني، التي تُدار بطرق مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، دورًا مؤثرًا وخفيًا في المشهد الاجتماعي والسياسي، مستخدمةً العمل الخيري كغطاء لجمع التمويل وتوسيع شبكة النفوذ. وفي ما يلي الآليات ودلالاتها على الواقع الوطني.
1. جمعية المركز الإسلامي: ذراع جماعة الإخوان الخيري
أُسست جمعية المركز الإسلامي عام 1963، وتعد أبرز واجهات الجماعة في العمل التنموي – حيث تدير 50 مدرسة تخدم 16,000 طالب، و14 مركزًا صحيًا، ومستشفيين في عمّان والعقبة، إضافة إلى 56 مركزًا للخدمات
رغم تصريحاتها الرسمية (بموجب مواد تأسيسها) بأنها جمعية «لا تنخرط في السياسة أو الدين»، دفعت الحكومات الأردنية لفرض رقابة مشددة عليها بعد مواقف دعمها لعدة جهات، خاصة عقب انتخابات 2006 الفلسطينية، ووجود أسلحة في مخازن مرتبطة بها، (قرار المحكمة في 2006 بتجميد مجلس إدارتها كان يؤشر لأول تراجع رسمي لطبيعة عملها غير الشفافة)
2. آليات التمويل غير الشفاف
عدد من الجمعيات الأخرى يُشتبه بتلقي تمويل من بُنى ذات صلة بالإخوان، وأبرزها:
منتدى تدريب وتمكين المرأة والطفل
الهلال الأخضر
العروة الوثقى
سواعد العطاء.
هذه المنظمات جُمّدت وسُلّمت للتحقيق نتيجة ‘مخالفات إدارية’، كعدم تقديم بيانات مالية أو الكشف عن مصادر تمويل. كما صدر توجيه قضائي ضد «منتدى تمكين المرأة والطفل» لعدم الإفصاح عن ملكيته الحقيقية.
3. جمعيات كأداة نفوذ مجتمعي
وفق شهادات محلية، ربط أهل المخيمات مساعدات «جمعيات الإخوان» بالمحاباة والواسطة، حيث تُفضل الأنشطة الخدماتية على الأقرباء أو المنتسبين فكريًا.
وحتى مراكز العناية الشعبية في المناطق الفقيرة، وداخل الجامعات، صارت أدوات لتبني ولاءات سياسية وخدمية، تُبيّن النجاح الاجتماعي للجماعة رغم محدودية الدور الحكومي.
4. إجراءات رقابية متصاعدة
منذ 2015: بدأت الحكومة تشدد رقابة الجمعيات الخيرية، تطلب إفصاحًا دوريًا عن مصادر دخلها ونشاطها.
2020: حلت المحكمة الإخوان رسميًا بعد فشلها بتصويب أوضاعها الإدارية بموجب قانون الجمعيات.
أبريل 2025: أُعلن حظر الإخوان ومصادرة أصولهم، وأصدر «لجنة الحل» تحذيرات قانونية ضد الإخفاء وحكمت بالحجز والتحقيق.
يوليو 2025: استمرار التحقيقات لتفكيك الشركات المدنية والأهلية التي تمثل واجهات مالية للإخوان، مثل حالة «منتدى المرأة والطفل» وغيرها.
جمعيات العمل الخيري ذات التغطية الإخوانية لعبت دورًا مزدوجًا:
تمويل أنشطة سياسية وتنظيمية مستترة.
كسب ولاءات اجتماعية من خلال خدمات يحتاجها المواطن البسيط، باستخدام الواسطة والمحاباة.
شكلت شبكة تمويلية معقّدة انتهى بها الأمر في مرمى الرقابة القضائية والحكومية.
الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني المرتبط بالإخوان لم تكن مجرد أدوات للإغاثة، بل لعبت دورًا استراتيجيًا في:
تأمين التمويل السري لأنشطة الجماعة.
توسيع قاعدة التأثير الاجتماعي والسياسي.
تمرير أموال خارجية عبر قنوات قانونية ظاهريًا لكنها تخدم أجندات غير معلنة.
اليوم، يُصبح من الضروري تحويل هذه التجارب إلى دروس: تعزيز الشفافية في إدارة الجمعيات، تقنين مصادر التمويل، وضمان استقلالية العمل المدني عن المشاريع السياسية.