العرب اليوم -
العرب اليوم
صدر مؤخرا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع, رواية شارع اللغات السعيد للقاص والفنان التشكيلي الشاب عثمان مشاورة, تقع الرواية في 196 صفحة من القطع المتوسط.
قد تكون هذه الرواية الأولى لعثمان مشاوره, لكنها وبلا شك تنبئ بولادة كاتب حقيقي ومتميز, يستحق الكثير, كاتب يستطيع أن يشدك بأسلوبه المتوالد التشويق إلى أن تصبح جزءا من نصه, كاتب يحق له أن يمضي إلى الأمام ليحتل مكانه بين الروائيين المتقدمين.
شارع اللغات هو أحد الزقاق المشهورة في الجامعة الأردنية, شارع قصير يمتد من كلية الفنون الجميلة باتجاه برج الساعة الشهير, لكنه يعج كل صباح ومساء بالطلبة المُبتسمين, الواقفين بصحبة بعضهم البعض في كنفاته, أولئك المقرفصين فوق رصيفه أو الجالسين على المقاعد الخشبية بكل فرحٍ وحبور, وقد كُتبت بأسلوب شائقٍ ورشيق وبضمير الشخص الأول أنا, وبطريقة التذكر والرجوع إلى الماضي الفلاش باك وأحيانا الفلاش فورورد والمونولوجات والدايلوجات الداخلية والخارجية, حتى مع الأشياء الجامدة من حوله كبرج الساعة والمقاعد وأشجار السرو الشاهقة.
تدور الأحداث التي تتخذ من الجامعة مسرحا واسعا لها, عن طالب تخرج حديثا من كلية الصيدلة, لكنه وفي صباح اليوم التالي وبينما يحتسي القهوة مع والدته في شرفة بيتهم, يسترجع الأيام الجميلة والرائعة تلك التي خلت في سنوات دراسته, لا سيما علاقة حبه الفاشلة مع زميلته التي تخرجت هي الأخرى وتزوجت آخر غيره, ما جعله ذلك يرقد شهرين كاملين بالمشفى جراء انهيار عصبي وحالة عامة من الإعياء العاطفي, لكن الكاتب وبتناص مع حكاية الحب تلك, يُسلط الضوء القوي على علاقته بالمكان على وجه التحديد, وهو أرجاء الجامعة الأردنية, لدرجة أنه يصف الأماكن وكأنه يصورها بكاميرا دقيقة, ويرسم صورا رائعة لكل مكان له فيه ذكرى ما بين سكوير وشارع وزقاق. ومن المتوقع أن يوقع الكاتب روايته في الهواء الطلق فوق شارع اللغات نفسه.